- منح جهاز المراقبين الماليين سلطة تشكيل اللجان وفرق العمل لا يعد تداخلاً في اختصاصات ديوان المحاسبة
- مقترح إنشاء جهاز للمراقبين الماليين لا يتضمن إعفاء الجهاز من الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة
- تضمين مقترح إنشاء جهاز للمراقبين الماليين نصاً يفيد «إلغاء ما يتعارض مع أحكام هذا القانون» لا يعني إلغاء جميع الأحكام المتعارضة في قانون ديوان المحاسبة
تناولنا في الجزء الثالث مسألة تبعية الجهاز وأن تلك التبعية لا تخالف احكام الدستور، كما وضحنا عدم وجود تداخل فيما بين اختصاصات جهاز المراقبين الماليين وديوان المحاسبة، وان اقرار جدول المرتبات والمزايا والحوافز للعاملين بجهاز المراقبين الماليين يوازي ما يمنح للعاملين بجهاز المراقبين الماليين لا علاقة له باستقلالية ديوان المحاسبة.
هذا، وقد ابدى الديوان عددا من الملاحظات حيث يرى الديوان من ان منح جهاز المراقبين الماليين سلطة تشكيل اللجان وفرق العمل يعد تداخلا في اختصاصات الديوان.
ونرى ان تشكيل اللجان وفرق العمل يعتبر من قبيل التنظيم الإداري الذي يهدف الى تحقيق اعمال وانجازات خلال فترة محددة، وان تنظيم مثل تلك اللجان وفرق العمل من اختصاصات مجلس الخدمة المدنية، والذي أصدر بدوره عددا من القرارات التنظيمية بهذا الشأن ويستلزم من الجهات الحكومية العمل بها، والجهاز احد الأجهزة الحكومية التي يتطلب عملها اللجوء الى تشكيل اللجان وفرق العمل حتى اذا لم ينص قانونه على ذلك، ونظرا لأهمية عمل الجهاز فقد منح المشرع سلطة تنظيمية اكبر في هذا الشأن على النحو الموضح بقانون انشائه، وعليه ليس ثمة اي تداخل في الاختصاصات بين الجهاز والديوان في هذا الشأن.
كما يرى الديوان ان مقترح انشاء جهاز للمراقبين الماليين يتضمن اعفاء الجهاز من الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، وان تضمين المقترح نصا يفيد (الغاء ما يتعارض مع احكام هذا القانون) مما يعني الغاء جميع الاحكام المتعارضة في قانون ديوان المحاسبة.
ونرى هذا الامر ليس دقيقا حيث ان الاستثناء يجب ان يكون بنص صريح بالقانون، ولم يرد أي نص صريح يعفي جهاز المراقبين الماليين من رقابة ديوان المحاسبة، وفيما يتعلق بالنص المتعلق بـ (الغاء ما يتعارض مع احكام هذا القانون)، فإن الهدف من المادة وكما هو متعارف عليها قانونا بأنه نظرا لوجود تنظيم سابق للمراقبين الماليين، سواء ضمن احكام المرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بقواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي، او بالقرارات التنظيمية التي صدرت في ظل احكام المرسوم بقانون سواء بقرارات وزارية او قرارات صادرة من مجلس الوزراء، فإن المادة المشار اليها تبطل العمل بتلك الاحكام، اما القول بأن المادة تعني الغاء جميع الاحكام التي تتعارض في قانون انشاء الديوان فهذا القول أيضا غير دقيق، حيث لم يرد أي نص بقانون الديوان يتعارض مع احكام مقترح بقانون انشاء الجهاز.
هذا واشار الديوان إلى ان المقترح تضمن العديد من المصطلحات التي تثير تساؤلات وتحتاج الدراسة منها:
1 - (تزويد الجهاز بالخبراء) فما هي طبيعة عمل الخبراء.
2 - ان اهداف الجهاز الواردة بالمادة 8 من المقترح لم يقابله أي اختصاصات في المادة 12 من ذات المقترح.
3 - تضمنت المادة 14 من المقترح على العبارة التالية (... حالة عدم الاخذ بوجهة نظر المراقب يتم رفع الامر الى الوزير المختص...) فما الموقف إذا كانت وجهة نظر المراقب تخالف ما جرى عليه العمل بالجهاز.
4 - نصت المادة 25 على نقل جميع العاملين بقطاع الرقابة المالية الى الجهاز، ولم يراع حاجة وزارة المالية الى المراقبين الماليين تابعين لها.
فيما يتعلق بتزويد الجهاز بالخبراء وطبيعة عملهم، فإن تعزيز أي جهاز فني بكوادر بشرية متخصصة للمساهمة في رفع كفاء العمل والعاملين بالجهاز امر طبيعي، وهذا معمول به في كل اجهزة الدولة وليس مقصورا على الجهاز بعينة، فجهاز المراقبين الماليين كجهاز فني يتطلب وجود عدد من الخبراء والمستشارين في مجال المالية العامة والمحاسبة والقانون.
هذا ونتفق مع وجهة نظر الديوان بانه كان يتوجب على المشرع بان يقابل الاختصاصات الواردة بالمادة 12 بأهداف الجهاز الواردة بالمادة 8 بالقانون والتي تمت معالجتها باللائحة التنفيذية للقانون.
اما فيما يتعلق فيما اذا كانت وجهة نظر المراقب تخالف ما جرى عليه العمل بالجهاز، فإن القرارات التنظيمية بالجهاز لم تغفل المعالجة لمثل تلك الحالات والتي تتضمن أيضا الاختلاف في وجهات النظر فين المراقبين الماليين أيضا، كما نصت اللائحة التنفيذية لقانون انشاء جهاز المراقبين الماليين على وجود لجنة لشؤون المراقبين الماليين تعنى بالأمور المالية والإدارية والفنية والتي تفصل في أي اختلاف في وجهات النظر بين المراقبين الماليين وأيضا بين المراقب المالي والجهات الخاضعة لرقابة الجهاز.
وأخيرا، بشأن ما يتعلق بحاجة وزارة المالية الى مراقبين ماليين تابعين لها، فإنه لا يوجد اية حاجة لوزارة المالية الى مراقبين ماليين تابعين لها باعتبار ان هذا الاختصاص منقول الى الجهاز المستقل، واصبحت وزارة المالية احدى الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز.
وعلى الرغم من التعقيب على كل ما طرح من ديوان المحاسبة بشأن عدم دستورية مقترح قانون بإنشاء جهاز للمراقبين الماليين، الا ان هناك احكاما وردت ضمن مقترح القانون وتم إقرارها بالقانون 23 لسنة 2015 وفي وجهة نظرنا نرى فيها شبة عدم الدستورية.
فالمادة 24 من مقترح القانون والتي تنص على (ينقل للعمل بالجهاز جميع المراقبين الماليين ورؤساء الحسابات العاملين بوحدات الرقابة المالية التابعة لقطاع الرقابة المالية بوزارة المالية من تاريخ صدور هذا القانون، مع حساب سنوات الخدمة السابقة لهم بالكامل بالجهاز)، وقد اقصت المادة موظفين فنيين يعملون بقطاع الرقابة المالية (مراقبين ماليين) من النقل الى الجهاز، وقد قصر النقل فقط على العاملين بوحدات الرقابة المالية دون الفنيين العاملين بقطاع الرقابة المالية، حيث كفل الدستور في مادته 7 على مبادئ أساسية كالعدل والحرية والمساواة وهي دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، فما نصت عليه المادة 24 من مقترح القانون لم تحقق العدالة في نقل الموظفين المهنيين المعنيين المخاطبين في المواد 33 و34 و51 من المرسوم بقانون 31 لسنة 1978 بشان قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة عليها والحساب الختامي.
اما ما جاء بالمادة 7 من مشروع القانون والتي نصت على (... وتضع اللجنة العليا الهيكل التنظيمي للجهاز، على أن تكون مكاتب المراقبين الماليين بمستوى إدارة تتبع رؤساء القطاعات مباشرة)، وما جاء بالمادة 22 من ذات المشروع والتي تنص على (يعامل المراقبون الماليون معاملة مديري الإدارات.
ويكون تأثيث مكاتبهم وما يتبعها...)، فإن الاحكام الواردة بتلك المادتين والمتعلقة بتحديد الهيكل التنظيمي للجهاز ومستوى وحداته الإدارية والمستوى الوظيفي للقائمين على تلك الوحدات، حيث ان احكام التنظيم الإداري والهيكلي تعتبر من صميم اعمال السلطة التنفيذية، وهي تتعارض مع احكام المادة 50 من الدستور والتي تنص على الاتي (يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور).
بقلم: بدر مشاري الحماد
نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
[email protected]