تتكرر بين الفينة والأخرى مشكلة التركيبة السكانية في الكويت، وارتفاع نسبة الوافدين إلى 70% بشكل سريع دون دراسة طبوغرافية ولا اجتماعية ولا اقتصادية، مما تسبب في مشاكل انتشار الأمراض بينهم بشكل كبير جدا مع جائحة كورونا، للكثافة السكانية التي يعيشونها.
وكانت ردة فعل المواطنين عنيفة تجاه العمالة السائبة، حيث تبين أن هناك عشرات الآلاف منهم هاربين من كفلائهم، ويعيشون وسط بيئة سكنية سيئة وتكدس بشري غير مقبول وأحياء غير نظيفة.
ولا يوجد بلد رأسمالي في العالم يستغني عن العمالة الوافدة، إما بسبب قلة عدد المواطنين، أو ارتفاع دخل المواطن نسبيا، وذلك على مختلف الوظائف، ففي بريطانيا مثلا لا يقل عن 50% من الأطباء والممرضين والفنيين وافدون، فإذا كان ذلك على مستوى الوظائف العليا، فما بالك بالوظائف المتوسطة والدنيا؟!
وللأمانة.. فقد ساهمت وفرة العمالة المتوسطة والدنيا لدينا في استقرار الأجور بشكل عام، وخصوصا البناء والحدادة والنجارة وإعادة التدوير والتوزيع والخدمات العامة، وكسر احتكار المصانع الكبرى والخدمات اللوجستية، وسيسهم نقصهم في رفع الأسعار من جانب، ونقص وفرتها من جانب آخر، وهذا ما لا يشعر به البعض وردود الفعل الغاضبة تجاه العمالة الوافدة الهامشية.
وينبغي هنا عدم الخلط بين تجار الإقامات والعمالة الشريفة، وعدم دمج من استغلوا وظائفهم أو تجاوزوا القانون مع الملتزمين، ومن عين مستشارين برواتب باهظة، ووضع النقاط على الحروف، بل ينبغي النظر للموضوع بشمولية وعلمية وإنسانية، حفاظا على مستقبل واستقرار البلد.
نحن بحاجة حقيقية للعمالة الوافدة، بمختلف تخصصاتها ومستوياتها، وبالمقابل نحتاج إلى تنظيم الحاجة وعقود التوظيف والرقابة على الأداء، وتوزيع الأعداد على المحافظات الكويت نسبة وتناسبا، وخصوصا السكن ومرافقه وخدماته، لتحقيق الأمن الاجتماعي والصحي والغذائي والكرامة للوافدين.
وحتى أكون عمليا، سأطرح نماذج لتجمعات سكانية يمكن تدمج مع أفكار أخرى من أصحاب الاختصاص في التخطيط العمراني والسكاني والاجتماعي والصحي والأمني.
أولا: منطقة نموذجية للنخبة:
يوجد في المدينة الجامعية بالشويخ سكن خاص لأعضاء هيئة التدريس، وهو سكن فاخر، إلا أن المنطقة تفتقر للخدمات العامة، سوى فرع جمعية صغير، مما جعل إدارة الجامعة تصرف بدل إيجار لهم، ليخرجوا ويسكنوا اختياريا بأماكن خارجية، ففرغت نصف المباني مما اضطرهم لإسكان موظفين عاديين فيها، فاختلط الحابل بالنابل، وشكوى الدكاترة من الروائح والإزعاج.
والأفضل أن يكون لدينا 3 مجمعات سكنية، بإيجارات رمزية أو متوسطة حسب عقد التوظيف، الأول فاخر مخصص لأعضاء هيئة التدريس، والثاني متوسط لعموم الموظفين وفق ضوابط صحية وبيئية راقية، وفصل العوائل عن العزاب، وتحديد عدد السكان في كل شقة، والثالث للطلبة، وتكون بينهم مسافات كبيرة، ولكل مسجده الخاص.
وتبنى حول تلك المباني الثلاثة مراكز تجارية (مولات) متوسطة تحوي محلات وخدمات عامة مثل: سوبر ماركت فاخر، مصبغة، حلاق، صالون نسائي، ناد صحي، خدمات طباعة وتغليف وتصوير، سفريات، خياط رجالي، خياط نسائي، أقمشة، ملابس شعبية، حلويات، مخبز ومعجنات، مقاه، مطاعم، بنوك.. وغيرها من الخدمات التي تلبي جميع الطلبات لمختلف المستويات، وكل ذلك سيحقق إيراد للدولة حتى ولو بنظام الخصخصة، ويوفر الخدمات للمباني الثلاثة وغيرها.
ويلزم ذلك الاستقرار توفير مركز صحي، ومركز أمن، ومركز خدمات حكومية، وإن تيسر توفير أفرع مدارس خاصة مصغرة لكل المراحل، أو توفير مدارس في مناطق قريبة منهم، ومراكز صيانة سيارات.
كما يمكن الاستفادة من مرافق الجامعة كالملاعب والمسارح وحمام السباحة والمكتبة العامة والحدائق وفق نظم محددة.
وللحديث بقية..