قبل أن ترمي بي في البحر علمني كيف أسبح، بل علمنا جميعا حتى لا نغرق معاً، لعل هذا أبلغ ما يقال في حق ما يجري من تخبطات إدارية في مؤسسات دولتنا الأبية، سياسات الإحلال ترسمها ريشة بلا فنان، ودون دراسة واقعية ومعايير علمية وخطوات منضبطة.
نعم.. أنا شخصيا مع سياسة الإحلال ووضع الأولوية في التوظيف لابن وطني، بل إني مستعد أن أهتف بها وأدعو إليها ولكن ليس بهذه الصورة المضطربة، وهذه الطريقة المعيبة والمثالب الخطرة، ومن السهل جدا أن تتراءى التساؤلات أمام عيني دون حل لها:
فهل قامت حكومتنا الرشيدة بإيجاد البدائل المناسبة للمقيمين المفنشين؟ هل البدائل على قائمة الانتظار مثلا؟ هل تم تجهيز البدائل الوطنية؟ هل أخضع البدلاء لدورات متخصصة؟ وهل تعتقدون أن إطلاق تصريحات إعلامية بتفنيش مئات الآلاف بلمح البصر وإخضاعهم لعملية تبخير سيكون في صالح الوطن؟ من ذا الذي يستسيغ مصطلحات مثل: «التفنيش»، «التسفير» «وقف تحويل الإقامات» ويعتبر هذه المصطلحات مقبولة في حق من خدموا بلادنا عشرات السنين، أليس على الأقل أن تستبدل بعبارات: التكريم والتقدير والرغبة في الاستفادة من الخبرات المتراكمة لإفادة الأجيال القادمة، فعلى الأقل يتولى عملية التدريب ويعلم الموظف الجديد أسرار المهنة؟
أين الرؤية والخطة؟ أم إن الإحلال سياسة لإرضاء النواب والشعب دون أن يعي ماذا يحدث؟ هل سنستمر في هذا المسلسل التدميري؟ أليس من رجل رشيد بيننا يضع خطة للرجعة، فالتفنيش وقطع الأرزاق يتم من دون إنذار ولا إبلاغ وفي أوقات خاطئة ومدمرة وقاتلة، فهل يعقل أن تفنش الوافد وأولاده في المدرسة وتدمر مستقبلهم؟ هل أخذ منفذو هذه السياسة هذا الأمر بعين الاعتبار أم نهدم سقف عائلة على رأس أصحاب البيت دون أن نأبه لها؟.
وزارات مثل المالية والأوقاف والتربية وغيرها تحمل اليوم لواء التنفيش بحرب طاحنة ضد المقيمين.. نعم المواطن أولى ألف مرة بالوظائف الإدارية من غيره مع احترامي للمقيمين، لكن لدينا عجز وطني في معلمي الرياضيات والفيزياء والكيمياء، ولدينا متمرسون في المحاسبة في وزارات الدولة، أما عن الأئمة والخطباء والمؤذنون فهناك معايير شرعية والتزامات صارمة وارتباط بالمسجد 5 أوقات، وهذا لا يقوى عليه عدد كبير من المواطنين بحكم عوامل الانشغال والسفر، رغم أنني أشيد بأئمة وخطباء كويتيين حملوا المسؤولية في إدارة المساجد وكانوا من خيرة من تولى هذه المهمة إمامة ووعظا وإصلاحا في الأرض لكنهم قلائل.
ولا يخفى على سعادتكم أنه في السابق تقدم عدد من المواطنين للإمامة والخطابة والأذان، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام واقع يفرض عليهم المسؤولية والالتزام 5 أوقات بالأذان والإمامة، فإما رغبوا في البقاء وتسلم الرواتب الشهرية والتوقيع على كشوفات الدوام أو آثر بعضهم ترك هذا المجال للآخرين، وانطلق في سلك التعليم أو غيره.
أين وزارة التخطيط؟ وهل صار جل اهتمام ديوان الخدمة المدنية إحصاء عدد الوافدين الذين يعملون في الحكومة؟ وإعطاء نظريات للتفنيش وإفراغ البلد؟ أحذر من أن الإحلال بلا سياسة واضحة قد يؤدي إلى غرق السفينة، فالاقتصاد في حالة خطرة! والسفينة إذا بدأت تغرق فهل نبدأ برمي القبطان الذي يدير دفة القيادة أم نحتفظ به لحين تجاوز الأزمة؟
آخر الكلام:
٭ إحدى الوزارات تحمست لمطالبات بعض النواب وألقت نفسها في الحفرة ففنشت بعض الوافدين المتخصصين وكبار الفنيين والمتخصصين في مجالات متنوعة وبعد أن فنشوهم تعطل العمل وتوقفت مصالح المواطنين الذين جاؤوا من دون تدريب ولا تأهيل فأعادوا الوافدين المفنشين مضطرين براتب أعلى!
٭ سعادة (بعض) نواب مجلس الأمة الكرام.. لا تدفعوا ببلادنا إلى الغرق.. ولا تأخذوا الناس بالعواطف الجياشة لأجل تكسبات انتخابية قد تضع البلد على شفا الانهيار.. ودمتم بود.