بقلم:عبدالرحمن الجاسر
[email protected]
عادت عجلة التعليم لتدور مرة أخرى عبر التعليم عن بعد بعد انقطاع لمدة طويلة أشعر كل تربوي بالحزن وعدم الرضا لما لذلك من آثار سلبية على الأجيال وتحصيلهم العلمي.
انقسمت الآراء حيال اعتماد وزارة التربية التعليم عن بعد، ففريق عارض الفكرة لأسباب مختلفة، منهم من يرى أنها لا تحقق الأهداف التربوية ولا تكسب الطالب المهارات المطلوبة، ومنهم من تخوف من عدم قانونية الآلية وإمكانية الطعن بنتائج الطلاب، ومنهم من بنى اعتراضه على عدم رضاه عن البرنامج المعتمد والخطة التي وضعت وخطوات التنفيذ، أما الفريق الآخر فقد رحب بالفكرة وأيد تطبيقها ودعمها بكل قوة، بل تطرف بعضهم واعتقد أن التعليم عن بعد هو البديل الناجح والسبيل الأوحد لتطوير التعليم.
والحقيقة التي يجب أن ندركها أن هذه الخطوة بلا شك تعد تقدما إلى الأمام حتى ولو كنا مرغمين عليها لا باختيارنا بسبب جائحة «كورونا»، لكنها لا تعد بديلا للتعليم التقليدي بل مكملة له، وهذا ما نطمح إليه بعد انحسار الجائحة، بأن يتم اعتماد التعليم المدمج.
نستطيع القول بعد انطلاق التجربة على طلاب الصف الثاني عشر التي سبقها الكثير من المقاومة والشك والقلق، حالها حال أي عملية تغيير، ومن واقع الميدان فإن لها إيجابيات متعددة، فقد استطاع المعلمون استيعاب العملية والتمكن من استخدام برنامج (تيمز)، مع خطة موضوعة لتدريب الطلاب، وبدأ الفصل الثاني التكميلي بسلاسة مع انتظام ملحوظ في الحضور ومشاركة جيدة من قبل الطلاب، من خلال تسليم الواجبات والتقارير، مما يؤكد أن اعتماد هذه الخطوة تأخر جدا، لكن كما يقال «أن تتأخر خير من ألا تصل».
لا شك أن التجربة شابتها بعض الملاحظات التي نتمنى من وزارة التربية الأخذ برأي الميدان التربوي لحلها وتطويرها وتلافي سلبياتها حتى نصل إلى الهدف المنشود الذي يصب في مصلحة الوطن والجيل، فالميدان هو المنفذ لخطط الوزارة والأقرب لمعرفة مواطن الضعف، وهو خط الدفاع الأول لمشاريعها متى ما تم إشراكه في اتخاذ القرار التربوي.
ولعل أبرز الاقتراحات التي على الوزارة إيجاد الآلية لتطبيقها قبل بداية العام الدراسي الجديد: توفير شبكة قوية للإنترنت في المدارس وأجهزة حاسوب تغطي عدد الفصول، لضمان سير العملية التعليمية مع تحقيق أكبر فائدة مرجوة، والتأكد من سرية المعلومات وعدم قدرة أي شخص غير مخول على الاطلاع عليها أو استخدامها، والسعي لإصدار وثيقة مستحدثة للمراحل المختلفة لتوضيح آلية التعامل مع المشكلات الطلابية ووضع اللوائح المنظمة التي تضمن استقرار الحصص الدراسية وسيرها على أكمل وجه، وإعادة النظر في قرار إلزام المعلم بالحضور لأداء حصته إن توافر لديه المكان المناسب، فطبيعة عمله في نظام التعليم عن بعد لا تستدعي حضوره للمدرسة، مع إمكانية متابعته فنيا عن بعد، مما يحقق تخالطا أقل ويضعف احتمالية نقل المرض لا قدر الله.
المرحلة القادمة مرحلة مفصلية وتاريخية، ينطلق فيها العام الدراسي بنظام لم نعتده، مما يحتم علينا جميعا أن نضع أيدينا في يد وزارة التربية مع تقديم النقد والملاحظات ليتحقق لهذه التجربة النجاح ونخطو خطوة نحو تطوير التعليم.