في السابق اعتاد سياسيو الكيان الصهيوني استخدام القوة ضد العرب والفلسطينيين من أجل التكسب الشعبي ودعم مواقفهم الانتخابية. وقد كان هذا واضحا في حروبهم التي شنوها على سكان غزة المحاصرة منذ سنوات والتي باءت بالفشل وانتقدها المجتمع الدولي لكونها جرائم ضد البشرية وانتهاكا لحقوق الإنسان ومخالفة للقانون الدولي، لكن سياسييهم اليوم وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو ارتأى أن سياسة الحرب على غزة لم تعد مجدية داخليا في تلميع صورته المشوهة بتهم الفساد والرشوة وسوء استغلال منصبه وما ينتظره من أحكام بالسجن، وكان لابد من إحراز شيء يرفع من معنوياته المنهارة ويجعله في صورة إنسان بريء يؤمن بالسلام أمام العالم وهو ما دفعه إلى استعجال التطبيع والتطبيل له إعلاميا وإشغال إعلام المنطقة به، والذي اعتاد تغطية حروبه التي كان يشنها على الأطفال والنساء في غزة.
لم تكن مصادفة أن يهتم الرئيس ترامب ويبارك على الفور خطوة نتنياهو في موضوع التطبيع، فهو بحاجة ماسة كذلك إلى تدعيم شعبيته في كسب أصوات اليهود الصهاينة والمتعاطفين معهم من الإنجيليين المتطرفين بعد أن فقد ثقة الشعب الأميركي به كرئيس قادر على الحفاظ على تماسك المجتمع الأميركي بسبب سياساته العنصرية تجاه الأميركيين من غير البيض والأقليات الدينية وعرقلته القضاء وقراراته المتسرعة التي تخالف التوافق الدولي في قضايا بالغة الأهمية للعالم وسوء إدارته لأزمة وباء كورونا وتداعياتها على الشعب الأميركي، لذلك فهو بحاجة ماسة إلى تسجيل موقف تاريخي له فيما تبقى له من فترة قصيرة قبل مغادرته البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستأتي بمنافسه المرشح بايدن إلى كرسي الرئاسة كما يرى الكثير من المحللين ومكاتب استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم المرشح بايدن عليه.
ولذلك لم يكن مستغربا أن يتفتق عقلا نتنياهو والرئيس ترامب بفكرة التطبيع المستعجل لتسجيل موقف في صالحهما قبل فوات الأوان.
الأمر المستغرب أن كوشنر وهو أحد مهندسي التطبيع يرى أن موقف الكويت المساند للفلسطينيين «غير بنّاء»، والمعلوم أن الشعوب العربية كاملة تساند قضية الفلسطينيين العادلة من منطلق الأخوة في العروبة والأخوة الدينية بالقدر الذي يساند فيه كوشنر الإسرائيليين المحتلين من منطلق يهوديته، فهل يحق لكوشنر ما لا يحق للآخرين؟!
***
حكم محكمة لاهاي في اغتيال رفيق الحريري - رحمه الله- الذي صدر بإدانة عياش دون آخرين لا يعني تبرئة ساحة ما يسمى بحزب الله، لأن عياش عضو في الحزب ولا يمكن أن يخطط بمفرده لارتكاب جريمة بشعة بهذا الحجم.