توجه العالم للتعليم عن بُعد بسبب أزمة كورونا لمنع المخالطة الاجتماعية، وهو ما لم تتم ممارسته سابقا سواء من جهة هيئات التدريس أو من الطلبة، ولكن الضرورة جعلت الجميع يتحدثون عنه ومن دون خبرات، وبدأت الاجتهادات تنطلق، ولم لا، فهناك الكثير من الاجتهادات في القرارات التي تدفع ثمنها في النهاية منظومة التعليم والطلبة.
ولا يمكن التنبؤ بمخرجات التعليم عن بُعد سوى أن من يتعلمون عن بعد لن تتاح لهم فرص التفاعل الإنساني والعلاقات الاجتماعية مع زملائهم، وهي تعتبر ضرورية في جميع الأعمار.
ومن السابق لأوانه تقييم التعليم عن بُعد ولابد من الاستفادة من خبرات السابقين في هذا المجال دون حساسيات، إذ إن هناك العديد من المؤسسات التعليمية في العالم مارست التعليم عن بعد واكتسبت خبرات تراكمية ويمكن الاستفادة منها لإنشاء وتطوير بنية أساسية للتعليم عن بعد بمختلف المراحل الدراسية، حيث إن الاجتهاد وحده لا يكفي وقد لا يحقق النجاح المأمول.
ونحن الآن أمام ضرورة ملحة لتطبيق التعليم عن بعد بجميع مراحل التعليم كأحد التحديات التي تواجه عودة مسيرة الحياة الطبيعية والإفاقة من صدمة كورونا المستجد والتصرف بحكمة دون انتظار حلم توافر التطعيم الواقي من كورونا والذي أصبح مادة سياسية وليس وسيلة وقاية.
فقد أطلق الرئيس الروسي بوتين على التطعيم الروسي اسما ليذكر العالم بالسبق الروسي لإطلاق أول قمر اصطناعي من جانب الاتحاد السوفييتي عام 1957 لغزو الفضاء، بينما الرئيس الأميركي ترامب يدفع بقوة نحو تزامن التطعيم الأميركي الواقي من كورونا مع بداية حملة الانتخابات الرئاسية، وهو ما جعل مدير هيئة الغذاء والدواء الأميركية FDA يلوح بالاستقالة لو تم تسييس طرح التطعيم قبل استكمال شروط الترخيص.
وهكذا، فإن السباق المحموم حول التطعيم جعل التصدي لكورونا أكثر صعوبة لو انتظرنا التطعيم الجديد، ووسط هذا المشهد أصبح التعليم عن بُعد خيارا ضروريا وملحا ولا بديل عنه، ويجب توفير عوامل النجاح له بما هو أكثر من تصريحات المسؤولين ممن ليس لديهم الخبرات الكافية عن تطبيق النظام الجديد.
وأعتقد أن التعليم عن بعد لن يتم تنفيذه بضغطة زر أو بإحضار مصباح علاء الدين أو من خلال قوى خفية، ولكنه يحتاج إلى خبرات وبنية أساسية وخطط وبرامج واضحة ومتابعة حثيثة تختلف عن الأساليب التقليدية.