بقلم: بدر مشاري الحماد
نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com
أقر مجلس الأمة مؤخرا قانون حق الاطلاع على المعلومات اتساقا مع الاتفاقية الدولية التي صادقت عليها الكويت بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة المنعقدة في أكتوبر 2003، وجاء هذا الإقرار انسجاما مع استراتيجية الدولة في تنفيذ برنامج الحوكمة والنزاهة الذي اعتمد عام 2008.
وعلى الرغم من أن إقرار هذا القانون جاء متأخرا، إلا أن أهمية مثل هذا القانون الآن تنبع من تعزيز حق المواطن في إشراكه بالمعلومات انطلاقا من معايير الشفافية والحوكمة، والتي هي أيضا تعزز مصداقية الإدارة الحكومية، لأنها هي السبيل لإثبات إدارتها الحكيمة من خلال مؤسساتها المختلفة.
وما لفت انتباهي في هذا القانون هو أن المشرع قد أكد على أهميته لاستكمال تشريعات الدولة المتعلقة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ومنها صدور القانون رقم (2) لسنة 2016 بشأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية، إلا أن ما جاء في طيات هذا القانون من جوانب تستلزم الوقوف عند بعضها.
فلقد أشارت المذكرة الإيضاحية للقانون الى قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، إلا أنني لم أجد أي دور واضح للهيئة في هذا القانون، فلا توجد أية إشارة للهيئة لا في توطئة القانون ولا ضمن أحكامه، حيث قصر المشرع في هذا القانون على النيابة العامة دون غيرها، اختصاص التحقيق والتصرف والادعاء في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفقا لما جاء بالمادة 15 من القانون، فكان من المناسب أن يكون لهيئة مكافحة الفساد دور في هذا القانون، خاصة أن الهيئة وفقا لقانون إنشائها تعنى بإرساء مبدا الشفافية والنزاهة في المعاملات الاقتصادية والإدارية بما يكفل تحقيق الإدارة الرشيدة، علما بأن الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) قد أعربت عن ارتياحها الكامل لإقرار مجلس الأمة مشروع قانون تنظيم حق الاطلاع على المعلومات.
إن الأصل في التشريع هو ان يكون حق الاطلاع على المعلومات مشروعا للأشخاص المعنيين، ووجود التشريع هدفه تنظيم هذا الحق، وتحديد الاستثناءات من تلك المعلومات التي لا يمكن الإفصاح عنها نظرا لسريتها بموجب نصوص قانونية قائمة، لا أن تحدد المعلومات الواجب إتاحتها من عدمه كما هو منصوص عليها في المادة الخامسة من القانون، والتي ذاتها أعطت الحق للجهة بتحديد المعلومات الضروري نشرها من عدمه.
من جانب آخر، جرى العرف بأنه يتم العمل بالقانون من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية على أن تصدر اللائحة التنفيذية خلال فترة زمنية وعادة تكون ستة أشهر، إلا أن القانون نص في مادته السابعة عشر على ان يعمل به بعد ستة شهور، أي إن العمل به مؤجل لحين نفاذ تلك الفترة.
ولم يقف هذا الموضوع إلى هذا الحد، بل أوجبت المادة الرابعة من القانون على كل جهة تنظيم وتصنيف وفهرسة المعلومات والوثائق التي تتوافر لديها حسب الأصول المهنية والفنية المرعي ة، وتصنيف ما يجب اعتباره منها سريا ومحميا طبقا للقانون، وذلك خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون.
كما ألزمت المادة الخامسة من القانون الجهات المعنية بأن تنشر على موقعها الإلكتروني خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون دليلا يحتوي على قوائم المعلومات المتاح الكشف عنها، وقد حددت بعشر قوائم.
وبوجود تلك المدد في تلك النصوص القانونية أتاح القانون للجهات السماح ضمنيا تأجيل تطبيق أحكام قانون حق الاطلاع على المعلومات، فكأنما صدر القانون مع وقف التنفيذ لحين نفاد المدة.