يظن البعض أن العمل الحقوقي يتعارض مع العمل السياسي، وأن الناشط الحقوقي يجب أن يعمل بعيدا عن السياسة، وألا يغير أهدافه ومبادئه من العمل في مجال حقوق الإنسان إلى الولوج في السياسة، وهذا القول عار عن الصحة ومردود على أصحاب هذا الاعتقاد.
ومفاد ذلك أن المشاركة في رسم سياسة الدولة وتحديد المصير سواء كان الأمر عبر البرلمان (مجلس الأمة) فيرشح الفرد نفسه حتى يدخل في العمل السياسي أو من خلال التعيين الحكومي فيكون انضمامه للحياة السياسة كوزير لإحدى وزارات الدولة أو الهيئات والمؤسسات الحكومية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية.
والحق أن العمل في السلك السياسي هو الخطوة المتقدمة في مجال حقوق الإنسان، لأنه بذلك لا يكتفى بالدفاع عن حقوق الإنسان عبر المناشدة أو الرصد وإنما الدخول في أماكن صنع القرار ومواجهة التحديات التي تقف أمام الحقوق والحريات في موقع أقرب وفي قلب مكان صناعة القرار.
و لربما يكون ترشيح الفرد نفسه للدخول في البرلمان هو أسمى أشكال خدمة حقوق الإنسان لأنه بهذه الطريقة واستنادا الى خبرته الحقوقية يكون على عاتقه رسم الإطار القانوني للدولة فيما يتوافق مع حقوق الإنسان واتخاذ هذه الأداة التشريعية لخدمة هذا الهدف السامي.
وفي السياق نفسه تجد أن الاتصال الشخصي له درجة عالية من التفاعل ورجع الصدى عندما يكون الهدف هو الإقناع والتأثير في قرارات الناخب، فالإنسان اليوم هو ابن بيئته، والجوانب الاجتماعية واحدة من أهم أسس تلك البيئات المؤثرة في الفكر السياسي وفي صنع مختلف القرارات وأنواع السوك بما فيها السلوك الانتخابي.
وللجانب الاقتصادي تأثيره كذلك في المشاركة الانتخابية فالأمية والعصبية قد يؤديان إلى انتشار ظاهرة الاغتراب السياسي، والمشاركة غير الواعية، لذلك فالبيئة السياسية الخارجية تؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في توجهات الناخبين، ولوسائل الاعلام المختلفة أيضا أهميتها في العملية الانتخابية من خلال تثقيف وتبصير الناخبين والمرشحين بحقوقهم السياسية وواجباتهم، وتقديم البرامج والمعلومات التي تساعد وتحفز الناخبين على اتخاذ القرار الصحيح، والذي هو في الواقع سبب لوجود الديموقراطية والانتخاب والترشح حتى يرى أفراد الشعب أن ممثليهم في مجلس الأمة استخدموا الأدوات القانونية لحماية وتعزيز حقوقهم وضمان حرياتهم.
وفي هذه المناسبة نود أن نبارك لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، بمناسبة الذكرى السادسة على تكريم منظمة الأمم المتحدة لسموه كقائد للعمل الانساني والكويت مركزا عالميا للعمل الانساني.