- الياقوت لـ «الأنباء»: نجحنا بوضع الكويت على خريطة الدول المهمة في مجال البحث العلمي في الاستزراع
- انخفاض كميات صيد الزبيدي محلياً من 1150 طناً في عام 1995 إلى أقل من 90 طناً في 2018
- الكويت أول دولة في العالم تنجح في تربية الزبيدي في الأحواض ونسعى لتفريخها وصولاً للاستزراع التجاري
- خلال أزمة كورونا الحالية بلغ سعر الزبيدي الإيراني والباكستاني بين 8 و9 دنانير للكيلو الواحد
دارين العلي
بعد أن نجحت الكويت في ان تكون الدولة الأولى عالميا في تربية أسماك الزبيدي في الاحواض، حيث كان لها الريادة في بدء عملية استزراع هذا النوع من الأسماك في العالم، ها هي اليوم تسعى وعن طريق معهد الكويت للأبحاث العلمية إلى استكمال ريادتها في هذا المجال عن طريق مشروع يهدف إلى الحصول على صغار الأسماك من أمهات الزبيدي التي تمت تربيتها في الاحواض، وهو المشروع الذي يشكل حجر الأساس في نجاح استزراع الزبيدي تجاريا.
معهد الأبحاث الذي نجح بوضع الكويت على خريطة الدول المهمة في مجال البحث العلمي في مجال الاستزراع السمكي كأول دولة تنجح في تربية هذا النوع من الأسماك في العالم يعتزم القيام بعدد من التجارب العلمية اللازمة لسد الفجوات العلمية وحل العوائق التي تواجه النجاح في الحصول على صغار هذه الأسماك من الأمهات في الأسر كخطوة للبدء بالاستزراع التجاري الذي أثبتت محنة كورونا أهمية الإسراع في تنفيذه كركن من أركان الأمن الغذائي في البلاد.
وفي تقرير مفصل حول الاستزراع السمكي وتحديدا أسماك الزبيدي التي وضعت عالميا على القوائم الحمراء كأحد الأنواع المهددة بالانقراض بسبب قلة مخزونها ومصيدها، تحدثت خبيرة استزراع الأسماك والروبيان في برنامج الاستزراع المائي في المعهد الباحثة أماني الياقوت لـ «الأنباء» عن تفاصيل استزراع أسماك الزبيدي وريادة الكويت في هذا المجال بعد التدهور الحاصل بمخزون ومصيد هذه الأسماك محليا ووجوب اللجوء إلى استزراعها للمحافظة على الأمن الغذائي.
تداعيات المحنة الحالية
وأكدت الياقوت أنه خلال الأزمة الحالية بسبب فيروس كورونا المستجد والذي تسبب في عرقلة وسائل الشحن عالميا ما أدى إلى زيادة أسعار المنتجات البحرية المستوردة ما لفت الانتباه إلى أهمية توفير الأمن الغذائي البحري من خلال الاستزراع السمكي في الكويت ومنطقة الخليج، وعليه فإن الأنظار تتوجه إلى تطوير قطاع استزراع الاحياء البحرية بشكل كبير.
تطوير صناعة الاستزراع
وشددت على أن النجاح في توفير الأمن الغذائي في الكويت وهو أحد المحاور المهمة لرؤية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد من أجل تنفيذ خطة تنمية الكويت 2035 والتي تتطلع إلى جعل الكويت مركزا تجاريا وماليا عالميا، لافتة إلى أن مؤسسات الدولة المعنية بدأت بالتعاون من أجل تنمية صناعة الاستزراع المائي في الكويت ومساعدة المستثمرين من القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال المهم.
مصايد الأسماك في الكويت
وتحدثت عن انخفاض الثروة السمكية المحلية بشكل عام في الكويت والتي تبلغ نسبتها 15% فقط من الطلب المحلي على الأسماك والقشريات بينما يتم استيراد 85% من الأسواق الإقليمية والدولية، لافتة إلى أن هذا الوضع غير المرغوب فيه أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار الأسماك الطازجة في السوق المحلي.
الزبيدي وتراجع المصيد
ومن أبرز الأسماك التي تعاني تراجعا في المصيد والتي يركز معهد الأبحاث على استزراعها لأهميتها في السوق الكويتي هو الزبيدي الذي يعاني تراجعا في حجم المصيد، حيث لفتت الياقوت إلى أنه يتم حسب قوانين الصيد منع صيد اسماك الزبيدي في المياه الكويتية لمدة 45 يوما خلال الفترة ما بين 1 يونيو و15 يوليو للسماح لها بالتكاثر لضمان استمرار هذا الكنز البيئي المهم للأجيال القادمة.
الضغط على المخزون
وأشارت إلى أن مخزون سمك الزبيدي يعاني الكثير من الضغوطات في الكويت في السنوات الماضية لأسباب عديدة مثل الصيد الجائر وعدم الالتزام بقوانين حماية الثروة السمكية، وتدهور البيئة البحرية، والتغيرات الطبيعية في الظروف البيئية، ما أدى إلى انخفاض حاد وخطير في مخزون هذه السمكة وبالتالي انخفاض معدلات صيدها في المياه الكويتية من 1150 طنا في عام 1995 إلى أقل من 90 طنا في 2018.
ارتفاع الأسعار
ولفتت إلى أن هذا الانخفاض في العرض مع ازدياد الطلب في السوق المحلي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، حيث بلغت أسعار الزبيدي الكويتي 14 دينارا للكيلو، بينما بلغ سعر بيع كيلو الأسماك التي يتم صيدها من المياه الإيرانية 7.5 دنانير، و5.5 دنانير للأسماك المستوردة من باكستان.
وأشارت الى ان السعر المرتفع يعكس كلا من ارتفاع الطلب وانخفاض كميات الصيد، مشيرة إلى أن ذلك تسبب في استياء المستهلك الكويتي، مؤخرا خلال ازمة كورونا الحالية، حيث بلغ سعر الزبيدي الإيراني والباكستاني بين 8 و9 دنانير للكيلو الواحد.
وأكدت ان الكويت قطعت شوطا كبيرا في عملية استزراع الزبيدي سواء بتحقيقها الريادة في التربية في الأحواض أو في طريق النجاح بالحصول على صغار الأسماك في الاسر ولكن بكميات صغيرة، ويتم العمل لانجاز الأبحاث التي تهدف إلى النجاح في الحصول على كميات كبيرة من اليرقات بشكل تجاري، وهو المشروع الذي يسعى المعهد لتنفيذه خلال المرحلة المقبلة بالتعاون مع عدد من الجهات الدولية بسبب الاهتمام المحلي والعالمي بالنجاح في استزراع اسماك الزبيدي بشكل تجاري مربح وتقليل الضغط على المخزون الطبيعي.
وأوضحت أن هذه التجارب ستشتمل على استخدام التقنيات العلمية الحديثة للتوصل إلى تركيبة اعلاف مناسبة، واستخدام نظام الاستزراع المغلق للتحكم في جودة المياه وغيرها من التجارب العلمية المهمة والتي تهدف إلى تهيئة الأجواء المناسبة للنجاح في الحصول على البيض الملقح من اسماك الزبيدي في الاحواض.
ولفتت إلى أنه سيتم القيام بهذه البحوث من خلال التعاون الدولي مع عدد من المؤسسات العلمية العالمية المتخصصة في مجال تطوير تقنيات استزراع الاسماك البحرية للاستفادة من خبراتهم العلمية والإسراع في الحصول على النتائج المرجوة.
نجاح التربية في الأحواض
وأوضحت أنه كان للكويت من خلال معهد الكويت للأبحاث العلمية الريادة عالميا في بدء عملية استزراع اسماك الزبيدي والنجاح في تربيتها في الاحواض، حيث تم الانتهاء من 3 مراحل مهمة من البحوث العلمية الخاصة بتطوير تقنية استزراع اسماك الزبيدي ما ساهم في رفع اسم الكويت ووضعها على خريطة الدول المهمة في مجال البحث العلمي في مجال الاستزراع السمكي كأول دولة تنجح في تربية هذا النوع من الأسماك في العالم.
14 عاماً من الأبحاث
وقالت «بدأت المرحلة الأولى لمشروع استزراع الزبيدي في أبريل 1998 لمدة خمس سنوات، وبدأت المرحلة الثانية في سبتمبر 2007 ولمدة ثلاث سنوات، بينما بدأت المرحلة الثالثة في أكتوبر 2011 ولمدة 6 سنوات، وبالتالي تمثل المدة الكلية لهذه المراحل الثلاثة 14 عاما من البحث لتطوير تقنية استزراع الزبيدي، وهذه المدة لا تعتبر طويلة ابدا لتطوير زراعة نوع جديد من الأسماك».
وتحدثت عما تم إنجازه في استزراع اسماك الزبيدي، لافتة الى أنه بالرغم من أن الكويت كانت تعمل بشكل منفرد في تطوير تقنيات استزراع الزبيدي فقد تم إنجاز العديد من الخطوات العلمية التطبيقية المميزة والتي تمت مشاركتها مع العالم ليستفيد منها الباحثون في الدول الأخرى والتي تهتم باستزراع الزبيدي مثل اليابان وتايوان والصين والهند من آجل تطوير تقنية استزراع الزبيدي بشكل ناجح وفعال، حيث تمكنت الكويت من الحصول على صغار الأسماك لتربيتها في الأحواض لأول مرة عالميا، ثم تمكنت من ان تكون الأولى عالميا في النجاح في تربية يرقات ويوافع الزبيدي، كما تمكنت من النجاح في التفريخ داخل الأحواض على نطاق بحثي صغير عبر العمل على اباضة الأسماك في الاحواض، ما يعد مؤشر ايجابيا لإمكانية النجاح في هذه الاباضة بكميات كبيرة بشكل تجاري في حال توفير البيئة والغذاء المناسبين لذلك في المستقبل القريب.
صعوبة استزراع الزبيدي وحساسيته
وقالت الياقوت ان استزراع الزبيدي يتميز بخصوصية وحساسية لصعوبة الحصول على الأسماك الحية من البحر واقلمتها على الحياة في الأسر كما مع باقي الأسماك مثل السبيطي والهامور، ويعتبر هذا الأمر من أهم الأسباب الرئيسية التي تسببت في تأخير الشروع في تجارب الاستزراع وتربية الزبيدي في الاحواض خلال المرحلة الأولى من المشروع، لذا تم تطوير تقنية الحصول على البيوض المخصبة من الأسماك من البحر وتربية اليرقات، وقد نجح باحثو المعهد في التوصل إلى معرفة وقت وموقع تفريخ الزبيدي في البحر وتوثيقها لأول مرة وجمع البيض المخصب ونقله إلى المختبرات لبدء استزراع الزبيدي.
شح في المعلومات
ولفتت إلى أنه بسبب شح المعلومات حول هذه التجارب عالميا، أخذ الباحثون بالمعهد على عاتقهم العمل على توفير المعلومات الأساسية لنقل بيوض الأسماك الملقحة وتفقيسها ومن ثم تربية اليرقات واليوافع، وتم النجاح في معرفة طرق تغذية وتربية يرقات هذه السمكة وتسجيل مراحل النمو، حيث تعد هذه هي الخطوة الأولى لوضع الأسس العلمية اللازمة لتقييم إمكانية تربية الزبيدي وإكثاره على نطاق تجاري.
مكافحة الأمراض وعلاجها
ولفتت الياقوت إلى أن الباحثين في المعهد تمكنوا من تطوير طرق السيطرة على مسببات الأمراض وعلاجها، حيث تسبب الأمراض المعدية البكتيرية والفيروسية والطفيلية خسائر فادحة لصناعة الاستزراع المائي عالميا، لذلك قام باحثو المعهد بالتعرف على مسببات الأمراض في اسماك الزبيدي للوقاية منها وتطوير طرق العلاج، حيث تم النجاح في تعزيز مناعة الزبيدي باستخدام البكيتريا النافعة (البروبيوتيك) لمقاومة البكتيريا الضارة ومنع اصابتها للأسماك.
وأعلنت ان المعهد قد نجح في تطوير لقاح عالمي لمقاومة أحد الطفيليات التي تصيب اسماك الزبيدي وعدد من الكائنات البحرية وقد تم تسجيل براءة اختراع باسم الكويت في الولايات المتحدة الأميركية، ما يساهم في رفع اسم بلادنا في المحافل الدولية.
تجارب الدول الأخرى
ولفتت الياقوت إلى أنه بعد تميز الكويت عالميا في سباق النجاح فيما يختص بتربية الزبيدي في الاحواض ومشاركة العالم في هذا الإنجاز العلمي من خلال المنشورات العلمية والمشاركة في المؤتمرات العالمية، قامت العديد من الدول التي تهتم باستزراع الزبيدي بالاستفادة من نجاح الكويت في هذا المجال وتطوير تربية اسماك الزبيدي في مؤسساتهم العلمية، ولكن الجدير بالذكر انه حتى الآن لم يتم تسجيل نجاح أي من هذه الدول في الحصول على صغار الزبيدي بشكل تجاري من أمهات تمت تربيتها في الأسر، آخذين في الاعتبار أن هناك العديد من المؤسسات البحثية التي تفضل إبقاء عدم نشر نجاحها إلى ان يتم الانتهاء من تطوير التقنيات بشكل كامل لضمان الحقوق الفكرية.
الفرق بين الزبيدي الكويتي والزبيدي الهندي
لفتت الياقوت إلى وجود فارق كبير بين الزبيدي الكويتي والزبيدي الهندي المعروف لدينا بأسماك الطلح والذي يتم استزراعه تجاريا، حيث أوضحت أن الاسم العلمي للزبيدي الكويتي هو pampus argenteus ويسمى بالانجليزية Silver fretPom، وهو النوع الذي لا يزال استزراعه تحت نطاق التجارب في العديد من دول العالم.
اما نوع الأسماك التي تم النجاح في تبييضها وتوفيرها للقطاع الخاص للإنتاج التجاري بشكل وافر في الهند وتايلند وغيرها من دول شرق آسيا فهو نوع آخر من الأسماك والمعروف في الكويت باسم «اسماك الطلاح» ويسمى بالإنجليزية بـ Pompano Silver وهي نوع من الحمام، وهذه السمكة تشبه الزبيدي إلى حد ما في الشكل واللون فقط، وهي صغيرة ومع زيادة الحجم تصبح مختلفة تماما عن الزبيدي وهذا شيء معروف لدى اهل الكويت، وهناك ايضا اختلاف مهم جدا بين الطلاح والزبيدي الا وهو السعر في أسواق السمك.
الزبيدي.. ملك الأسماك
تطرقت الياقوت إلى أهمية أسماك الزبيدي على مستوى العالم، حيث يعتبر ملك الأسماك بسبب القيمة التسويقية العالية، ويعد ايضا أحد أشهى الأسماك البحرية ليس فقط في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي ولكن في العديد من دول العالم.
وتعيش أسماك الزبيدي في شمال المحيط الهندي وشمال غرب المحيط الهادي، ويمتد انتشارها من الخليج العربي حتى اليابان مرورا بشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا وجزر الفلبين والصين وكوريا.
ويبلغ متوسط كميات الزبيدي المصيد في العالم نحو 100 ألف طن سنويا عدا المصيد من الصين الذي يبلغ متوسطه 3800 طن. وتعيش اسماك الزبيدي في الخلجان القريبة من مصبات الأنهار وتتغذى على العوالق البحرية الدقيقة من مثل مجدافيات الأرجل أو الكوبوبودا والسهميات ويرقات الأسماك.
الزبيدي على القوائم الحمراء.. مهدد بالانقراض
تعتبر أسماك الزبيدي من الأنواع المهددة بالانقراض من العالم، حيث تم وضعها على القائمة الحمراء التابعة لمنظمة IUCN منذ عام 2014، حيث تهتم هذه المنظمة بدق ناقوس الخطر فيما يختص بالأنواع المهددة بالانقراض عالميا للمحاولة للحفاظ عليها ومنع اختفائها من عالمنا.
الاستزراع.. وقت وصبر
أوضحت الياقوت ان عمليات تطوير تقنيات الاستزراع التجاري للأسماك البحرية تستغرق سنوات عديدة من البحث والتطوير وبتكاليف تصل إلى عدة ملايين من الدولارات، وتختلف صعوبة تطوير التقنيات من نوع إلى آخر وتحتاج إلى صبر ووقت للانتهاء من تطوير التقنيات والوصول الى مرحلة الإنتاج التجاري، مستعرضة بعض الانواع التجارية التي يتم استزراعها بنجاح على مستوى العالم بشكل تجاري مثل الهامور الذي استغرق 20 عاما تقريبا واسماك الدنيس واستغرق أكثر من 15 عاما واسماك السالمون والتي هي واحدة من انجح الأسماك المستزرعة عالميا، فقد استغرقت أبحاث استزراعها في الدول الأوروبية سنوات طويلة وبتكاليف عالية وبجهود علمية كبيرة.
أهمية الاستزراع عالمياً.. 50% من حاجة السوق
قالت الياقوت إن الزيادة السكانية المستمرة في جميع أنحاء العالم تتسبب بضغط شديد على المخزون الطبيعي البحري للأسماك والقشريات، حيث تنخفض كميات الأسماك والقشريات التي يتم صيدها من المياه المفتوحة بسبب الاستغلال المفرط وتدهور المخزون الطبيعي.
وينظر إلى استزراع الأحياء المائية في جميع أنحاء العالم على أنه الحل الأمثل لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات البحرية من اسماك وروبيان والانواع البحرية الأخرى.
وتستمر تربية الاحياء المائية في النمو بوتيرة أسرع من القطاعات الصناعية الأخرى لإنتاج الغذاء حيث بلغ الإنتاج العالمي من تربية الأحياء المائية في عام 2016 حوالي 80 مليون طن من الأسماك، ويوفر الاستزراع المائي حاليا 50% من حاجة السوق العالمي من الأسماك والقشريات، وتعتبر صناعة الاستزراع المائي حاليا واحدة من أسرع الصناعات نموا في العالم وتبلغ قيمة حجم إنتاجها سنويا 243.5 مليار دولار.