دعت مملكة البحرين إلى تكثيف الجهود لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، باعتباره «مدخلا أساسيا لتحقيق السلام العادل والشامل المؤدي لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف».
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة عبر الاتصال المرئي أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ونشرت وكالة أنباء البحرين الرسمية «بنا» كلمة الملك حمد بن عيسى آل خليفة التي جاء نصها على النحو التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
السيد الرئيس، يطيب لنا بداية أن نهنئكم على انتخابكم رئيسا للجمعية العامة في دورتها الحالية، متمنين لكم التوفيق والنجاح في إدارة أعمالها. كما نتوجه بالشكر لرئيسها السابق على جهوده التي بذلها في إدارة أعمال الدورة الماضية وبكل كفاءة واقتدار.
ويسعدنا أن نشارككم الاحتفال بحلول الذكرى الخامسة والسبعين على تأسيس منظمة الأمم المتحدة، التي ساهمت طوال العقود الماضية في تكريس التعاون الدولي والمحافظة على السلام العالمي لما فيه خير البشرية جمعاء.
كما يسرنا هنا أن نشيد بالمساعي الحثيثة لمعالي الأمين العام، السيد «أنتونيو غوتيريش»، في تعزيز دور المنظمة في تسوية النزاعات وطرح الحلول والمبادرات، من أجل التوصل إلى نظام عالمي قائم على ترسيخ وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق أعلى مستويات التنمية على أسس المساواة والمشاركة الكاملة للدول الأعضاء في هذه المنظومة الأممية الرفيعة.
وأضاف: تشدد مملكة البحرين في هذا الإطار، على تمسكها واحترامها لالتزاماتها الدولية المتمثلة في المحافظة على قوة واستقرار النظام الدولي واستمرار دوره في تحقيق السلم العام. كما اننا نشارك الأمم المتحدة رؤيتها الصائبة في التأكيد على أهمية العمل الجماعي الفعال لمواجهة جميع التحديات والأخطار، وفي مقدمتها ما يمر به العالم أجمع من ظروف صعبة وتداعيات قاسية على الحياة الإنسانية وإنجازاتها من جراء انتشار جائحة (كوفيد-19).
واستطراد: لقد أثبت هذا التحدي المستجد أن المجتمع الدولي في حاجة ماسة إلى تنحية الخلافات جانبا وتقوية مجالات التكاتف الإنساني، لنعمل متحدين في وجه هذه التهديدات الصحية، ولرفع جاهزيتنا المستقبلية للوقاية من مثل هذه المخاطر وتحصين مجتمعاتنا بالشكل المناسب، مشيدين هنا بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار في جميع مناطق الصراع في العالم لمواجهة الجائحة، وهي دعوة حظيت بقبول عالمي واسع النطاق.
وتابع: على هذا الصعيد العام، حرصت مملكة البحرين، ومنذ اللحظات الأولى لانتشار الجائحة، بمد يد التعاون والتضامن والتنسيق مع دول العالم ومنظماته المختصة، كمنظمة الصحة العالمية، في مواجهة هذا الظرف الصعب. وقد قمنا بتشكيل فريق عمل وطني، برئاسة ولي عهدنا، لوضع وتنفيذ خطة طوارئ متكاملة نتج عنها العديد من التدابير الوطنية، وفق أفضل الإجراءات والممارسات الوقائية والعلاجية، من أجل المحافظة، أولا وأخيرا، على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، على حد سواء، آخذين في الاعتبار الحاجة القصوى للتخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي نعمل جاهدين على تنويع برامجها ومجالاتها الداعمة.. حفظا لرخاء واستقرار شعبنا العزيز ولعودة سريعة نشهد فيها تعافي اقتصادنا الوطني.
وأكد عاهل البحرين أنه: انطلاقا من حرصنا على أمن واستقرار المنطقة، وتجسيدا لنهجنا الراسخ في الانفتاح والتعايش مع الجميع، فقد تم الإعلان عن إقامة العلاقات مع إسرائيل، في رسالة حضارية تؤكد أن يدنا ممدودة للسلام العادل والشامل باعتباره الضمانة الأفضل لمستقبل شعوب المنطقة جميعا.
وأضاف: لعل ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة من خطوة شجاعة لإحياء أمل السلام والاستقرار في المنطقة لهي خطوة موفقة ومباركة، بالتوصل إلى «اتفاق سلام تاريخي» مع إسرائيل، وبرعاية وجهود من الولايات المتحدة الأميركية، في مقابل وقف ضم اسرائيل للأراضي الفلسطينية تعزيزا لفرص السلام وخفض حدة التوتر، ومنح شعوب المنطقة منطلقا جديدا للتفاهم والتقارب والتعايش السلمي، مع الحفاظ على موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، مشيدين هنا بالجهود المقدرة التي بذلتها الولايات المتحدة الأميركية لإنجاز هذه الخطوات الاستراتيجية المهمة.
وتابع: في هذا الإطار تدعو مملكة البحرين إلى تكثيف الجهود لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وفقا لحل الدولتين، الذي نعتبره مدخلا أساسيا لتحقيق السلام العادل والشامل والمؤدي إلى قيام الدول الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، من أجل تشكيل مرحلة عمل جديدة نمد فيها جسور الخير وعلاقات حسن الجوار لبناء وتنمية المصالح المشتركة لدول المنطقة.
وقال: إنها لفرصة طيبة نتوجه فيها من خلال منبركم المهم، بتقديرنا الكبير للدور الرائد والعمل الدؤوب للمملكة العربية السعودية الشقيقة، بقيادة أخينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ليس فقط على صعيد إرساء دعائم الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع وبشكل يراعي مصلحة جميع الأطراف، بل لما تبذله من جهود بارزة ومؤثرة خلال رئاستها الحالية لمجموعة العشرين لصياغة «عقد جديد» تتحقق فيه آمال شعوب العالم في الرخاء والاستقرار، مؤكدين هنا على نهج بلادنا الثابت بالوقوف مع الشقيقة الكبرى صفا واحدا في جميع المواقف وفي كل الظروف.
وتابع بالقول: لا يفوتنا كذلك أن نعرب عن مساندتنا التامة للجهود المتواصلة لجمهورية مصر العربية الشقيقة في ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي ولمساعيها السلمية الجادة، التي كان أخيرها وليس آخرها مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والتي منحت الأمل للشعب الليبي الشقيق في مواجهة وصد التدخلات الخارجية والإسهام في إعادة بناء مقدرات دول المنطقة من منطلق دور مصر الرائد في حماية وصون الأمن القومي العربي.
واختتم عاهل البحرين كلمته بالقول: السيد الرئيس، الحضور الكريم، إن نجاح المجتمعات وازدهارها مقرون باستتباب الأمن والاستقرار فيها، وهذا ما انتهجته مملكة البحرين على الدوام وتؤكد كدولة فاعلة ضمن مجتمعها الدولي الأكبر على ضرورة تسريع الجهود من أجل تحقيق ازدهارنا الإنساني من خلال تقوية مجالات التضامن والتوافق تحت مظلة الأهداف العالمية التي التزمنا بها منذ تأسيس هذا الصرح العريق، والذي نبارك لأنفسنا معكم بذكرى تأسيسه لانطلاقة متجددة في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخنا المعاصر. ونحن فخورون بدورنا في ذلك، وملتزمون بدعمنا للأمم المتحدة لبلوغ وجهتنا المنشودة من أجل تحقيق التطلعات المشروعة للشعوب وإعادة بناء جسور الثقة والمحبة.. وصولا لعالم أكثر أمنا واستقرارا وسلاما.. شكرا السيد الرئيس، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.