انتهت لجنة التحقيق في شبهات التنفيع بصفقة «ايرباص» والتجاوزات المالية والإدارية في الخطوط الجوية الكويتية في اجتماعها امس من تقريرها النهائي متضمنا عددا من النتائج والتوصيات.
وقال رئيس اللجنة النائب د.بدر الملا، في تصريح بمجلس الأمة، ان اللجنة عقدت 14 اجتماعا بحضور مسؤولين عن كل من مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد (نزاهة) والإدارة العامة للطيران المدني والهيئة العامة للاستثمار وغيرها من الجهات الحكومية.
وعن شبهات الرشاوى في صفقة الايرباص، أوضح د.الملا انه تم فحص كل ما انتهى إليه المكتب البريطاني والذي صدر عنه حكم لمحكمة كراون كورد للتسوية ما بين المكتب البريطاني وشركة الايرباص، لافتا إلى أن اللجنة اطلعت ايضا على تقرير المكتب الفرنسي وحكم محكمة كولومبية والمرفقات الموجودة معه.
واشار إلى أنه في الفقرة 35 من حكم محكمة كراون كورد ذكرت ان الكويت من ضمن 15 دولة سيتم فحصها، ولكن في ذات الفقرة ذكرت 7 دول لم تكن الكويت من ضمنها، وانتهت الى وجود بعض الشبهات في 5 دول وهي سريلانكا واندونيسيا وغيرها من الدول وليس من بينها الكويت.
واكد د.الملا أن تقرير المكتب الفرنسي اعتمد نفس التقرير البريطاني ولم يظهر اي دور للكويت وكذلك المحكمة الكولومبية التي اعتمدت التقارير نفسها، موضحا أن اللجنة فحصت بعض مستندات حكم المحكمة الكولومبية ووجدت ان هناك تقريرا من الممكن الاستفادة منه في مكافحة الفساد.
وبين أن هناك وسيطين احدهما لبناني والآخر فرنسي لهما دور في صفقات متعلقة بطائرات هيليكوبتر ومخالفات لقوانين الاسلحة لا علاقة لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بها.
ولفت د.الملا إلى ان العديد من الجهات الحكومية ابرمت عقودا تتعلق بصفقات هيليكوبتر، وتبين ايضا ان اللبناني تحصل على عمولة قدرها 860 ألف يورو اودعت في حساب بنكي في لبنان.
وأشار إلى ان الوسيط الفرنسي الثاني تحصل على مليون و400 ألف يورو اودعها ايضا في حساب بنكي في لبنان، مؤكدا على ضرورة متابعة الجهات الحكومية لهذا الامر.
وكشف أنه وفقا لما قدم للجنة من مستندات، وافادات لم تجد أي ارتباط للخطوط الجوية الكويتية بهذا الأمر، لكن تكشف لها من خلال حكم المحكمة الكولومبية وجود ما يتعلق بصفقات طائرات هيليكوبتر عسكرية.
وبين أن اللجنة أوصت «نزاهة» بالمتابعة الدولية في هذا الشأن مع شركة الايرباص والمكاتب البريطانية والفرنسية والاميركية للحصول على اي مستندات مفيدة في هذه الواقعة.
وعن المخالفات المالية والإدارية للكويتية فيما يتعلق بصفقات شركة إيرباص، أشار د.الملا إلى أن اللجنة تبين لها ان «الكويتية» تعاقدت مع «ايرباص» لشراء 15 طائرة من طراز 320 new وعدد خمس طائرات 350 وبعد ذلك استبدلت 5 طائرات أخرى من 350 إلى طائرات 330-800.
وأشار إلى وجود ملاحظات من قبل اللجنة على هذه الصفقات التي لم تلتزم بما انتهت إليه الدراسات الاستشارية لمتطلبات «الكويتية» التي تتغير من وقت إلى آخر، ما جعل أسطولها يتكون من خليط من الطائرات ونتج عن ذلك زيادة في التكاليف المالية والتشغيلية.
وأضاف أن اللجنة تبين لها أيضا أن هناك طائرات خرجت عن الخدمة في منتصف تاريخ استلام الطائرات الجديدة ما دفع «الكويتية» إلى توقيع عقد لشراء 10 طائرات من نوعية بوينغ 777 بقيمة 152 مليون دولار للطائرة الواحدة.
وأشار إلى أن هناك 5 طائرات من بين تلك الطائرات أعيد بيعها مرة أخرى بقيمة 160 مليون دولار ثم استئجارها، موضحا أنه عند الرجوع للدراسات الخاصة بعملية الشراء وجدت اللجنة أن الدراسات أوصت بشراء طائرات 350 من شركة بوينغ ذات المسافات الطويلة وذات البدن العريض.
ولفت إلى أن هذا الأمر جعل «الكويتية» تفكر في استدعاء مكتب مكينزي الذي ارتأى تغيير هذه الطائرات، ما جعل المؤسسة تطلب تغيير الطائرات الخمس الى طائرات 321 باعتبارها أكثر رغبة وعملية إلا ان شركة ايرباص رفضت ذلك.
وأشار إلى أن «إيرباص» عرضت مقترحا في نهاية 2018 بتغيير خمس طائرات 350 الى 8 طائرات A330، إلا أن جميع رؤساء الخطوط الجوية الكويتية في اجتماعهم مع اللجنة أكدوا ان هذه الطائرات غير مرغوب فيها عالميا وأن هناك مشاكل في اعادة بيعها.
وبين د.الملا ان هناك شركات عالمية رفضت شراء مثل هذه الطائرات لكون محركاتها منخفضة وقد تتعرض لتطاير الحصى في مدرج المطار، لذلك أوصت اللجنة بمحاولة التصرف بأي طريقة أخرى بما لا يضر المال العام.
وأكد أن اللجنة رأت ان «الكويتية» استعجلت في طلب صفقة طائرات 321 من شركة ايرباص قبل ان تأتيها الموافقة، ما كلف المال العام مبالغ تصل الى 215 ألف دولار.
وأوضح أن هذا الأمر جعل اللجنة توصي بإحالة الأمر الي ديوان المحاسبة باعتبارها مخالفة مالية تستوجب النظر فيها من قبل مجلس التأديب الموجود في ديوان المحاسبة.
واشار د.الملا إلى ان اللجنة تبين لها ايضا تأخر شركة ايرباص في تسليم «الكويتية» ثلاث طائرات ما جعل المؤسسة تقوم بتأجير طائرات، الامر الذي كلف الشركة اموال نتيجة خطأ وقع من شركة ايرباص.
وأضاف أن ذلك الأمر جعل ايرباص تعوض الكويتية بـ 880 ألف دينار في ظل المبالغ الكبيرة التي تكلفتها «الكويتية» من عملية اصلاح الطائرات الموجودة وخروج طائرات واستئجار 3 طائرات من إحدى الشركات نتيجة قبول هذا التعويض.
وكشف ان اللجنة اوصت ايضا بالإحالة إلى «نزاهة» موضوع بيع محرك طائرة بقيمة 45 ألف دينار على الرغم من ان قيمته تصل الى مليون دينار وذلك دون تقييم أواتخاذ اي إجراءات سليمة.
ولفت د.الملا إلى ان اللجنة تبين لها ايضا ان هناك مطالبات مالية بملايين على الديوان الأميري لم يتم تحصيلها وان «الكويتية» وقعت في اخطاء ادارية بعدم التزامها بتحصيل هذه الأموال وعدم التزامها بعروض الأسعار لقطع الغيار، وقد أوصت اللجنة بإجراء تحقيق إداري لمحاسبة المتسبب في ذلك.
وأوضح أن اللجنة لاحظت أن شركة الخطوط الجوية الكويتية تستعين بشركتين لتوريد العمالة لمناصب معينة، وأن العقود مع هذه الشركات لا قيمة ولا حاجة لها لأن هذه الشركات لم تلتزم بشروط الإعلان الموجودة ولم تقدم قيمة مضافة بمن يتم اختيارهم لهذه المناصب.
وبين أن اللجنة أوصت بإلغاء هذه العقود، خصوصا أن الشؤون الإدارية لشركة الخطوط الجوية الكويتية بإمكانها تولي عملية استقطاب الكفاءات والتعيين في الشركة بشكل عام.
وأشار إلى أن الاتفاقية الموقعة مع شركة «سبنسر ستيوارد» لاختيار الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الكويتية لم تقم بعملها بشكل سليم ولم تلتزم بشروط الإعلان، بل وافقت على ترشيح الرئيس التنفيذي السابق للشركة على الرغم من عدم امتلاكه مؤهلا جامعيا، مبينا أن الكتاب الذي أتى به الرئيس التنفيذي السابق يتعلق بقرار تنظيمي باعتبار هذا المؤهل جامعيا ولكن في المقابل هناك كتاب من التعليم العالي يفيد بأن هذه الشهادة لم تعادل مؤهلا جامعيا.
وأكد أن اللجنة وجدت فروقات ومواد مفقودة من مخزون الشركة الفائض الموجود لدى شركة التسويق (فازيرو) بقيمة 6.5 ملايين تتعلق بقطع غيار موجودة في مدينة سياتل الأميركية ولقطع غيار طائرات موجودة قبل الغزو الغاشم وطائرات خرجت من الخدمة بعد التحرير، وكان هناك إدراج لمخصصات من أجل إيصالها لقيمة صفر، مبينا أن اللجنة أوصت باستمرار المكتب القانون بالخارج في متابعة هذا الأمر.
وأفاد بأن احتفالية شركة الخطوط الجوية الكويتية بمرور 65 عاما على تأسيس الشركة رصد لها ميزانية بقيمة 919 ألف دينار لكن نتيجة لخطأ في التبويب المحاسبي ـ أقر به رئيس مجلس الإدارة ونائبه ـ أدى إلى ارتفاع قيمة المصاريف إلى 1.300 مليون دينار، في حين أن هذا الفرق يجب أن يكون في أبواب أخرى في الميزانية، بالإضافة إلى أن عدة جهات لم تدفع الرعايات التي كان المفترض أن تدفعها.
ولفت إلى ان التحقيق أثبتت وجود مخالفة بعدم الإفصاح عن صرف مكافأة شهرية لرئيس مجلس إدارة الشركة، كما اكتشفت اللجنة وجود مبالغ مودعة بحسابات في الهند وبنغلاديش تصل قيمتها إلى 24 مليون دينار ظلت محبوسة في هذين البنكين دون أن يتم استجلابها إلى خزانة الشركة وهي بحاجة لهذه المبالغ مما اضطرها إلى الاقتراض، مبينا أن هذه المبالغ تم توريدها ولكن فرق العملة أدى إلى خسارة بقيمة 750 ألف دينار تقريبا.
وقال ان اللجنة رصدت أمرا آخر يتعلق بإعادة المتقاعدين الذين خرجوا وحصلوا على شيك ذهبي بمناصب أعلى ورواتب أعلى، وقد خالفت الشركة القانون بعدم مخاطبة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، موضحا أن مؤسسة التأمينات اعتبرت أن الخدمة لهؤلاء مستمرة وطالبتهم بإعادة الرواتب التأمينية ودفع خصم قسط تأميني من الرواتب التي يتقاضونها من شركة الخطوط الجوية الكويتية.
وبين أن الخطوط الجوية الكويتية اعترفت بهذا، وكانت تدفع هذه الرواتب عن طريق الصندوق وليس عن طريق تحويلات بنكية لأنهم كانوا يعلمون بالخطأ، مشيرا إلى أن اللجنة أوصت بأن تتحمل الشركة كلفة المطالبات المالية للتأمينات الاجتماعية.
ورأى أن المصيبة والكارثة في الأخطاء الإدارية الجسيمة غير المسبوقة التي رصدتها اللجنة في الشركة، معتبرا أنها أخطاء غير مسبوقة في القطاعات الحكومية.
وأوضح أنه بعد الاستعانة بتقرير لجنة تقصي الحقائق وتوجيه الأسئلة البرلمانية والمعلومات والمستندات الواردة تبين حصول مخالفات متعددة منها توظيف بعقود مؤقتة لموظفين غير كويتيين تجاوزوا 65 عاما، والتوظيف بوظائف ليس لها وصف وظيفي، وتحويل موظفين على العقد الشامل بدون ضوابط وبزيادات تثقل كاهل الشركة من الناحية المالية.
وأفاد بأن اللجنة رصدت مخالفات في التعيين برواتب مرتفعة لا تتناسب مع المؤهلات والخبرة وبالمخالفة لجدول الرواتب، وتضمين العقود الجديدة المعتمدة لتنظيم المتقاعدين شروط جديدة غير مألوفة، بالإضافة إلى جملة من التعيينات المخالفة لموظفين من عدة جنسيات داخل وخارج الكويت وبرواتب عالية.
وقال د.الملا ان هناك فوضى إدارية تحصل في شركة الخطوط الجوية الكويتية، واللجنة اتخذت قراراتها بالإجماع، وهناك خلل جسيم في الشركة، مشيرا إلى أن قرار وزير المالية باستبدال مجلس الإدارة السابق كان قرارا سليما بسبب قبولهم بهذه الأخطاء الإدارية وعدم مواجهة الإدارة التنفيذية بهذه الأخطاء الجسيمة.
وطالب مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية الكويتية الجديد بإعادة التقييم الإداري والمالي داخل الشركة ويعيد الثقة لهذا الأسطول ويعطي الحقوق لأصحابها داخل الشركة.
وأشاد د.الملا بعمل فرق ديوان المحاسبة وتعاونهم المثمر، قائلا انهم يعملون باحترافية في إبداء الملاحظات وتدوين المخالفات فيما يتعلق بموضوعي التحقيق، مؤكدا استفادة اللجنة من ملاحظاتهم واعتبارها بمنزلة خارطة طريق.
توصيات لجنة التحقيق في «إيرباص»
قيام «نزاهة» بالمتابعة الدولية مع شركة الإيرباص والمكاتب البريطانية والفرنسية والأميركية للحصول على أي مستندات مفيدة في الواقعة.
الإحالة إلى «نزاهة» موضوع بيع محرك طائرة بقيمة 45 ألف دينار على الرغم من أن قيمته تصل إلى مليون دينار.
إلغاء عقود شركتين تستعين بهما «الكويتية» لتوريد العمالة الخاصة بالمناصب.
رصد مخالفات في التعيين برواتب مرتفعة لا تتناسب مع المؤهلات والخبرة وبالمخالفة لجدول الرواتب.. والعقود الجديدة المعتمدة لتنظيم المتقاعدين شروط جديدة غير مألوفة.