بقلم: أ.د.إبراهيم بن عبدالكريم السنيدي ـ الرياض ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
خطب يزلزل خافقي وعظامي
وأسى يفوق مرارة الإعدام
وفجيعة فاقت حدود تحملي
فنزفت من رأسي إلى أقدامي
(رحل الصباح) فأي شمس بعده
تأتي لتنقذنا من الأوهامِ
أنعى إلى شعب الكويت (صباحَهُ)
وإلى العروبة خيرة الأعلام
أرحلت؟ أم أنا من رحلت وأنت في
كل العيون بقيت كالأحلام؟
إن المنازل أقفرت وتهدمت
عن دورهن منابر الإعظام
وتصحرت برحيلك الدنيا فما
في الأرض مثلك كان وبل غمام
والشمس نامت في عيونك والدجى
ملأ الثرى بمخافة وقتام
وجرى الهواء بحرقة يفشي شذى
من جنتي كفيك في الآكام
ومضيتَ قيل: مضى الصباح فهذه
الأنحاء جاثيةٌ على الأقدامِ
والضوء يجمع للمآثم نفسه
والشمسُ كاسفةٌ بكل مقامِ
وبكل صدر من رحيلك لوعةٌ
كبرى وجرح مؤلمُ الإضرامِ
وتركتنا أسفا بفاجعة غدا
في كل صدرٍ جرحها المترامي
يا من جعلت من العروبة عزةً
وأبيت إلا أن تكون الحامي
أوليت شعبك يا (صباحُ) عنايةً
وغَذيته بالحب والإكرام
ووهبت كل بني العروبة منك ما
أعلاك فوق مكانة الأيامِ
يا خالداً في كل قلبِ حُبُّه
ونداهُ فوقَ مباسمِ الأيتامِ
يا عامرًا في كل شعبٍ ذُكرُهُ
وكأنهُ تكبيرةُ الإحرامِ
لو باحت الدنيا بأكرمِ من رأتْ
لملكتَ وحدك إمرة الأقوامِ
والدهر لو يختار أعظم منهلٍ
ما كنت غيرَ ربيعِه البسّامِ
يبكي عليك النجمُ والقمرُ الذي
لولاك لانخسفا من الإظلامِ
ومآذن ومنابر ٌومساجدٌ
فيها حفظتَ لنا عُرى الإسلام
أنى ذهبتُ سمعتُ لاسمك لهجةً
أنى نظرتُ فلا سواك أمامي
قسماً بأنك أمةٌ في واحدٍ
ومفارقٌ يمشي على الأقدام
إني لأروي للمكارم والندى
والجود والإعزاز والإقدام
فَقدَ المهابة والجلالة والعلا
والطيبة السمحاء والأحكامِ
ولقد رحلت وكنت في أرواحنا
أندى وأسخى من سحابٍ هامِ
فإذا دفنتَ فأنت في أرواحنا
حيٌّ وذكرك نفحةُ الإلهامِ
الله يُبلغكم منازلَ رفعةٍ
في الخالدينَ بجنة الإنعامِ
ثم الصلاة على النبي محمدٍ
شَرَفاً وخيرِ مُشفّعِ وإمامِ