في شرح واف للآثار السلبية ومدى خطورة بعض الممارسات على البيئة البرية تحدث عضو اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر بالكويت أ.د. رأفت ميساك عما تعرضت له البيئة البرية جراء أمطار 2018 وما شهدته من تحسن خلال العام الحالي نتيجة لإجراءات مواجهة الوباء وما يمكن ان تكتسبه البيئة البرية جراء منع موسم التخييم.
ووجه ميساك تحية تقدير لكل من تبني قرار إلغاء موسم التخييم الربيعي، لافتا الى أنه من المنظور البيئي يتوافق القرار مع فلسفة الهدف رقم 18 من أهداف التنمية المستدامة الذي يختص بحماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، فضلا عن إدارة الغابات، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
ولفت الى ان التجارب العملية أثبتت انه عندما تم تخفيف الضغوط البشرية على البيئة البرية في الكويت، خلال الفترة من فبراير الى ابريل 2020 في إطار إدارة جائحة «كوفيد- 19» حدث تحسن ملحوظ في النوعية البيئية وفقا لنتائج الرصد والمراقبة البيئية للهيئة العامة للبيئة، مما يؤكد ان إلغاء موسم التخييم هذا العام سوف يكون له العديد من الفوائد بالنسبة للتنوع البيولوجي والنوعية البيئية والتربة والغطاء النباتي وموارد المياه.
وتابع: هناك عدة حقائق علمية ظهرت على البيئة البرية خلال عدد من الأحداث ومنها عندما هطلت أمطار غزيرة في شهر نوفمبر 2018 بلغت قرابة 266 ملم، تحولت البيئة البرية الى مسرح مفتوح لعمليات الجريان السطحي لمياه الأمطار، ويعزى ذلك لتصلب وانضغاط الجزء العلوي من التربة واختفاء الغطاء النباتي، ما يحد بشكل ملحوظ من عملية التسرب الرأسي لمياه الأمطار في جوف التربة، فلا سبيل للمياه الهاطلة من السماء وهي نعمة من الخالق عز وجل غير الجريان فوق الأرض لتجرف معها كميات هائلة من التربة التي لا يمكن استعواضها مدى الحياه، ولا نعفي أنشطة التخييم والرعي الجائر من دورها الأساسي في انضغاط التربة وتدمير الغطاء النباتي وفقدان التنوع البيولوجي.
وأوضح انه بعد توقف أمطار نوفمبر 2018 بفترة لا تزيد عن أسبوعين، انتشرت النباتات الحولية بكثافة غير مسبوقة، لم تشهدها البلاد منذ فترة طويلة، ولم تستفد البيئة من تلك النباتات بالشكل المناسب، حيث التهمتها وقضت عليها حيوانات المرعى خلال أسابيع، وفي حال هطول امطار غزيرة في شهر نوفمبر المقبل أو ما بعده، من المتوقع ان يكون الوضع افضل بكثير حيث ان الغطاء النباتي اكثر كثافة واحسن تنوعا والتربة اقل انضغاطا، بسبب إلغاء موسم التخييم، ومن المنطقي ان جزءا كبيرا من مياه الأمطار المتوقع هطولها قريبا، سوف يتسرب رأسيا في التربة لأن مسامية التربة اعلى قياسا بشهر نوفمبر 2018 بسبب وجود غطاء نباتي، كما هو معروف ان النباتات البرية تقلل من سرعة مياه الجريان السطحي، مما يتيح الفرصة لتسرب المياه في جوف التربة وهذا مكسب بيئي هيدرولوجي كبير على المديين القصير وطويل الأمد.
وفي ظاهرة بيئية اخرى لفت ميساك الى أنه عندما هبت رياح قوية خلال شهري يوليو وأغسطس 2018 بلغت سرعتها قرابة 15 مترا/ ثانية نجم عنها انجراف ريحي شديد للتربة الجافة الخالية من الغطاء النباتي وغطت الرمال طرق الوفرة والسالمي والصبية وكبد وتسببت العواصف الرملية والغبارية في عدد كبير من الحوادث فضلا عن المشاكل الصحية المعروفة، وفي حال هبوب رياح بنفس قوة رياح صيف 2018، من المتوقع ان تكون حدة الانجراف الريحي للتربة أقل بشكل ملحوظ، بسبب ازدهار وتنوع الغطاء النباتي وزيادة رطوبة التربة، خلال فترة تجميد أنشطة التخييم لموسم 2020 حيث يشكل الغطاء النباتي درعا واقية للتربة من عمليات الانجراف الريحي.