نبدأ جولتنا في عرض الصحف من مجلة التايم الأمريكية، ونطالع مقالاً بقلم الكاتبة ياسمين سرحان حمل عنوان"إسرائيل متهمة بارتكاب جرائم حرب في غزة. هل يمكن أن يلحق بها حلفاؤها؟".
تقول الكاتبة إن إسرائيل حظيت بـ"دعم ساحق من العالم المذعور عندما شنت حربها الانتقامية لاجتثاث حماس في أعقاب السابع من أكتوبر الماضي، والآن وبعد مرور ستة أشهر تبدو إسرائيل أكثر عزلة من أي وقت مضى".
وترى الكاتبة أن عزلة إسرائيل تجسدت من خلال الدعوات المتزايدة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا لتعليق بيع الأسلحة لإسرائيل، وتصْدُر الآن من أفواه بعض أعلى المستويات السياسية عبر الأطلسي.
وتضيف الكاتبة أن محور هذه الدعوات هو القلق مما إذا كان سلوك إسرائيل في غزة يمكن أن يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، وتتساءل الكاتبة "إذا كان الأمر كذلك، فما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للدول الغربية التي دعمت إسرائيل بالأسلحة؟ وما هي المسؤولية التي يمكن أن تقع على عاتقها؟ وهل يمكن أن تُسقط إسرائيل حلفاءها معها؟".
وللإجابة عن هذه الأسئلة، تستضيف الكاتبة عدداً من الخبراء القانونيين الذين يقولون إن الإجابة تعتمد إلى حد كبير على القوانين والمعاهدات التي يستعين بها المرء. ومن بين أكثر هذه المعاهدات أهمية هي المعاهدة الدولية لتجارة الأسلحة، التي تشترط على الدول قبل بيع الأسلحة تقييم ما إذا كانت ستستخدم في عمليات إبادة أو جرائم حرب.
وليست الولايات المتحدة طرفا في هذه المعاهدة، لكنها تنطبق على 113 دولة أخرى موقعة، بما في ذلك ألمانيا، التي تعد ثاني أكبر مزود للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة.
وتتابع الكاتبة بالقول إن المملكة المتحدة، الموقعة على المعاهدة، قد تواجه خطرا على الرغم من أنها تزود إسرائيل بكميات قليلة من الأسلحة. وفي حين تؤكد الحكومة البريطانية أن مبيعاتها من الأسلحة إلى إسرائيل تتوافق مع القانون الدولي، إلا أن منظمات حقوق الإنسان جادلت بأن هذا الموقف يتعارض مع الأدلة المتزايدة على ارتكاب جرائم حرب.
وترى الكاتبة أن القرار التاريخي الصادر عن محكمة العدل الدولية في يناير الماضي، بأن هناك "خطراً معقولاً بارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية في غزة" يضع حلفاء إسرائيل في حالة من التأهب، وتنقل عن مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة، ياسمين أحمد، قولها "إن هذا القرار يجعل الدول تدرك أن هناك خطراً كبيراً من أنها تنتهك اتفاقية منع الإبادة الجماعية من خلال الاستمرار في تسليح إسرائيل".
وتضيف الكاتبة أن المسؤولية الجنائية المحتملة أثارت مخاوف لدى موظفين مدنيين بريطانيين يشرفون على صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، والذين طلبوا "تعليق جميع هذه الأعمال"، كما أنها جعلت موظفي وزارة الخارجية الأمريكية يرسلون ما لا يقل عن ثماني مذكرات داخلية تسجل رفضهم لسياسة الولايات المتحدة بشأن الحرب، في حين إنه تم إرسال مذكرة واحدة فقط خلال السنوات الثلاث الأولى من حرب العراق.
وتنقل الكاتبة عن أستاذ القانون الدولي لحقوق الإنسان في كلية ترينيتي في دبلن، مايكل بيكر، قوله إنه "في حال ما إذا قررت محكمة العدل الدولية بالفعل أن أفعال إسرائيل في غزة تشكل إبادة جماعية، فمن الممكن لاحقا إثبات أن الدول التي زودت إسرائيل بالأسلحة قد انتهكت القانون الدولي".
وتختم الكاتبة بالقول إنه إلى حين صدور حكم بشأن ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت إبادةً جماعية، على الأرجح بعد سنوات، فإن من بين العواقب الملموسة التي يمكن أن تواجهها الدول المصدرة للأسلحة اتخاذ إجراءات تصحيحية، مثل دفع تعويضات مالية. ولكن الأمر الأقل وضوحاً هو كيف يمكن تنفيذ مثل هذه الأوامر.
"إنهم يصنعون الصحراء ويطلقون عليها السلام"
وننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية التي تقول إن هناك حاجة إلى اتفاق من أجل وقف الانزلاق نحو الفوضى، فالحرب الإسرائيلية حوّلت جزءاً كبيراً من شمال القطاع إلى مكان غير صالح للسكن، واستقبل النازحون العائدون إلى منازلهم جنوب القطاع، هذا الأسبوع، مشهداً مماثلاً من الدمار.
وتعتقد الصحيفة أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جزء كبير من القطاع هو مدعاة للارتياح، لكنها تُذكّر بحديث المؤرخ تاسيتوس عن احتلال الإمبراطورية الرومانية لأوروبا، حين قال: "إنهم يصنعون الصحراء ويطلقون عليها السلام".
وترى الصحيفة أن انتهاء الهجوم العسكري الذي دام أربعة أشهر على مدينة خان يونس، والسماح بدخول مزيد من المساعدات، إضافة إلى الضغوط التي يمارسها البيت الأبيض على إسرائيل للتفاوض، هي خطوات إيجابية من شأنها أن تدفع مفاوضات القاهرة نحو إنهاء القتال بشكل دائم.
وفيما يخص التوصل للسلام الدائم، تقول الصحيفة إنه لا يبدو أن أياً من الجانبين، في الوقت الحاضر، على استعداد لتقديم التنازلات اللازمة لتحقيق ذلك.
وترى الصحيفة أن نتنياهو كان عليه أن يأخذ بنصيحة الرئيس الأمريكي، العام الماضي، حول تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، فبدون اتفاق سلام يمكن للجميع التعايش معه ستنزلق غزة نحو الفوضى، وهذا لن يؤدي إلى تحقيق أهداف نتنياهو المتمثلة في "سحق" حماس، بل من المحتمل أن يورط رئيس الوزراء جنوده في تمرد دموي يدوم لسنوات.
وتختم الصحيفة بالقول إن حل الدولتين هو "الإمكانية الواقعية الوحيدة للتعايش السلمي على المدى الطويل"، ويجب أن تكون الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي وقف إطلاق النار واستعادة الرهائن، وإذا ما رفضت إسرائيل وحماس التجاوب مع هذه الخطوة، فيجب على المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة أن يتفاوض على قرار من مجلس الأمن الدولي.