في جولة الصحف اليوم، نطالع مقالاً حول عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وتداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حولها، ومقالاً آخر عن قرارات ترامب المتعلقة بفرض رسوم جمركية جديدة، وأخيراً، نطالع مقالاً حول غزة ومحاولات التهجير القسري المعروضة على سكانها.
نبدأ من الكاتب نيكولاس كريستوف الذي يتناول في مقاله المنشور بصحيفة نيويورك تايمز ما سمّاها الفوضى التي تعيشها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مسلطاً الضوء على التداعيات الإنسانية الناجمة عن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك تجاه المساعدات الدولية.
ويرى كريستوف أن انتقادات ترامب وماسك للمساعدات الخارجية قد تكون مبررة من حيث المبدأ، إذ إن التدقيق والإصلاح مطلوبان، لكنه يشير إلى أن تنفيذ هذه السياسات أدى إلى نتائج قاسية، حيث ترك أفقر أطفال العالم في معاناة قاسية بسبب الفوضى والارتباك.
يؤكد الكاتب أن الأطفال في سوكوتو بنيجيريا يتضورون جوعاً نتيجة انقطاع إمدادات المعجون الغذائي العلاجي الذي تدعمه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ورغم توفر هذا المعجون في المستودعات، فإن الوكالة غير قادرة على إصدار التصاريح لتوزيعه بسبب حالة الفوضى الداخلية التي تعيشها.
وينقل الكاتب عن إيرين بويد، مستشارة التغذية السابقة في الوكالة، عن الوضع هناك قولها: "قد يموت الآلاف من الأطفال" إذا استمر هذا الجمود الإداري.
ويذكر كريستوف أن وباء الإيبولا انتشر في أوغندا، لكن بسبب الفوضى التي تعيشها الوكالة الأمريكية، ناشدت الحكومة الأوغندية الطاقم الطبي العامل مع الوكالة الاستمرار في العمل دون أجر، بدافع وطني. ويرى الكاتب أن غياب الوكالة عن العمل يعني زيادة خطر تفشي الإيبولا عالمياً، وربما وصوله إلى الولايات المتحدة، وهو ما يثبت أن الوكالة لا تخدم فقط القيم الإنسانية، بل تشكل خط الدفاع الأول ضد الأوبئة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي.
ويشير كريستوف إلى أن التقارير عن الفوضى في الوكالة تتدفق من جميع أنحاء العالم، لافتاً إلى أن الصحفية ستيفاني نولين من صحيفة التايمز وثّقت توقف 30 تجربة سريرية فجأة بسبب تعطل تمويل الوكالة، ما أدى إلى ترك المرضى بلا علاج.
ويلفت الكاتب إلى أن النساء والأطفال هم الضحايا الأكبر لهذه الفوضى، حيث تقدر معاهد بحثية أن 130 ألف امرأة يُحرمن يومياً من وسائل منع الحمل، كما أن نقص الواقيات الذكرية بات أزمة في زيمبابوي، وإذا استمر تجميد المساعدات لمدة ثلاثة أشهر، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى 4.2 مليون حالة حمل غير مقصود و8300 حالة وفاة بين النساء أثناء الولادة، وفقاً لتقديرات معهد جوتماشر.
وينقل الكاتب عن أحد موظفي الوكالة في أفريقيا قوله: "نحن مشلولون تماماً، لا أحد يتولى المسؤولية"، مشيراً إلى حالة الإحباط التي تسود داخل الوكالة بعد القرارات التي أدت إلى تجميد المشاريع الحيوية.
ويرى كريستوف أن إيلون ماسك لم يثبت حتى الآن أي حالة احتيال واضحة، وأن الانتهاك الوحيد للقانون يكمن في هجوم ترامب على الوكالة دون امتلاكه السلطة القانونية لإغلاقها، بل إن تدمير الوكالة قد يكون انتهاكاً لسلسلة من القوانين الفيدرالية والدستور الأمريكي نفسه.
ويشير الكاتب إلى أن الجمهوريين برروا هذه الفوضى بمزاعم حول إهدار أموال المساعدات، رغم أن العديد من الأمثلة التي استشهدوا بها لا علاقة لها بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ويضيف أن ترامب وماسك قد جعلا الهدر أسوأ، إذ حذر المفتش العام للوكالة من أن 489 مليون دولار من المساعدات الغذائية باتت مهددة بالتلف، بعدما توقفت أنظمة التوزيع عن العمل.
ويرى كريستوف أن تدمير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يمثل مأساة إنسانية كبرى، حيث أصبحت القرارات التي اتخذها أغنى أغنياء العالم تؤدي فعلياً إلى وفاة أفقر فقراء العالم، مؤكداً أن الوكالة لم تكن مثالية، لكنها كانت شريان حياة لملايين الأشخاص حول العالم، وما يحدث الآن قد يؤدي إلى كارثة صحية وإنسانية واسعة النطاق.
"سياسات ترامب التجارية تضعف الحلفاء وتمنح الصين فرصة التفوق"
وفي مقالها المنشور في مجلة فورين بوليسي، تحذر الكاتبة كيث جونسون من التداعيات الاقتصادية السلبية لقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم، مشيرة إلى أن هذه السياسات لا تهدد فقط الاقتصاد الأمريكي، بل تقوّض أيضاً الاستراتيجية الأمريكية الأوسع عبر استهداف الحلفاء عمداً بقيود تجارية تعسفية.
ترى الكاتبة أن الوضع قد يزداد سوءاً إذا مضت إدارة ترامب في تنفيذ خططها لفرض تعريفات "متبادلة" أوسع نطاقاً على معظم الدول، وهو ما قد يشكل ضربة قاسية للشركاء المحتملين للولايات المتحدة في جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، فضلاً عن توتير العلاقات مع أوروبا.
وتشير جونسون إلى أن سياسة ترامب التجارية لا تقتصر على فرض الرسوم الجمركية، بل تتسع لتشمل قرارات أخرى، مثل تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الأمر الذي فتح الباب أمام زيادة النفوذ الصيني في العالم النامي.
وتضيف الكاتبة أن السياسات الأحادية لترامب لا تقتصر على التجارة والاقتصاد، بل تمتد إلى المجال الأمني، مشيرة إلى أن تعيين تولسي جابارد في منصب رئيسة الاستخبارات الأمريكية قد يؤدي إلى تقليص تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وحلفائها.
وتشير جونسون إلى أن خطة ترامب للاستيلاء على غزة، إلى جانب سياساته التوسعية، أثارت غضب الحلفاء في الشرق الأوسط وأوروبا والأمريكتين، وهو ما يفاقم من حالة التوتر الدبلوماسي الدولي. وتضيف أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تُعد مثالاً واضحاً على سياساته الاقتصادية الفاشلة، إذ إنها تؤدي إلى رفع الأسعار، وقتل الوظائف، وإبطاء النمو، فضلاً عن انعكاساتها السلبية على المستوى الاستراتيجي.
وترى الكاتبة أن السبب الأكثر سخرية، وفق قولها، هو أن ترامب فرض هذه التعريفات بدعوى حماية الأمن القومي الأمريكي، في حين أن تأثيرها الحقيقي يقع على حلفاء الولايات المتحدة، وليس على الصين التي تُعد المصدر الرئيسي للصلب الرخيص.
وتوضح الكاتبة أن التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب ألقت بظلالها السلبية على حلفاء واشنطن التقليديين، مثل المكسيك، كندا، المملكة المتحدة، الاتحاد الأوروبي، اليابان، وكوريا الجنوبية.
وتشير إلى أن بعض الحلفاء حاولوا التفاوض لتخفيف العقوبات، حيث قدمت اليابان طلباً رسمياً لذلك، وتسعى كوريا الجنوبية إلى حل وسط، بينما تحاول أستراليا التمسك بالتفاؤل بعد محادثات مع ترامب، لكنها قد تُصاب بخيبة أمل، أما المكسيك وكندا، فهما بالفعل تحت تهديد دائم بفرض تعريفات جديدة، في حين أن المملكة المتحدة تبدو حائرة في موقفها، بينما يستعد الاتحاد الأوروبي للرد بفرض إجراءات انتقامية.
وتقتبس جونسون عن كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قولها: "الصين هي الطرف الذي يضحك على الجانب الآخر، في حين تنغمس أوروبا والولايات المتحدة في حروب تجارية مدمرة للطرفين".
"لا واقعية في خطة ترامب لغزة"
إلى صحيفة الشرق الأوسط ومقال للكاتبة هدى الحسيني عنونته بأن "غزة لن تكون صفقة عقارية ولا ريفييرا أمريكية"، وتتناول فيه رؤية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول غزة.
وتشير إلى أن فكرته بشأن السيطرة الأمريكية على القطاع تثير اعتراضات عربية متزايدة، في ظل تساؤلات حول نواياه الحقيقية وما قد تعنيه هذه الخطة للمنطقة.
وتضيف أن استطلاعات الرأي الأمريكية أظهرت أن 47 في المئة من الأمريكيين يرفضون فكرة استحواذ بلادهم على غزة، ما يعكس عدم قبول داخلي لهذا الطرح.
وترى الحسيني أن بعض المقربين من ترامب في مجالات الأمن القومي والسياسة الخارجية يعتقدون أنه يستخدم أسلوب "الصدمة التفاوضية" لفرض تغييرٍ ما في الشرق الأوسط، وتنقل عن مستشار الأمن القومي مايك والتز قوله إن الرئيس لا يرى حلولاً واقعية لكيفية إزالة الدمار الذي خلفته الحرب في غزة، مشيرةً إلى أن ترامب يسعى إلى طرح أفكار جريئة جديدة لدفع المنطقة نحو إيجاد حلولها الخاصة.
قاضٍ يوقف مؤقتاً خطة ترامب لتقليص موظفي الحكومة الأمريكية
بعد أن فرض ترامب عقوبات عليها، ماذا نعرف عن المحكمة الجنائية الدولية؟ وما صلاحياتها؟
وتشير الحسيني إلى أن ترامب اقترح، خلال أحد خطاباته، أن تأخذ الولايات المتحدة "ملكية طويلة الأمد" لغزة بهدف إعادة إعمارها وتطويرها، مع إعادة توطين بعض السكان في أماكن أخرى، غير أن هذا الطرح قوبل برفض حاد من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، الذين يرون أنفسهم معنيين مباشرةً بأي خطة لإعادة إعمار غزة أو إعادة توطين سكانها.
وتوضح الكاتبة أن الجميع يدرك الحاجة إلى إعادة إعمار غزة وإنهاء معاناة سكانها، إلا أن الشرط الأساسي الذي يبدو أن الجميع يتفق عليه هو توفير الأمن قبل أي عملية تطوير، وتشير إلى أن إفراغ القطاع من سكانه البالغ عددهم مليوني شخص هو أمر غير واقعي في القرن الحادي والعشرين، حيث قد يقبل بعض الأفراد بمغادرة القطاع، لكن الغالبية العظمى لن توافق على ذلك، نظراً للتاريخ الفلسطيني الحافل بالتشريد واللجوء.
وتضيف الحسيني أن الولايات المتحدة قد تتصرف بشكل مستقل في غزة، لكنها بذلك ستواجه ردود فعل عنيفة ، وإذا كانت هذه الخطة مجرد رؤية أمريكية مفروضة، فإن نجاحها سيعتمد على قبول الفلسطينيين أنفسهم، إلى جانب موافقة الدول الإقليمية الفاعلة التي لها تأثير مباشر ومصلحة في مستقبل القطاع، وتشير إلى أن هذا العنصر مفقود في خطة ترامب، مما يجعل نجاحها محل شك.
وترى الحسيني أن ترامب، من خلال طرحه هذه الفكرة، لا يقدم خطة واضحة بقدر ما يحاول "زرع بذرة" لفكرة جديدة، قد تسهم في خلق واقع جديد في المنطقة، ومع ذلك، تؤكد أن أي حل يجب "أن يحترم حقوق الفلسطينيين، ويضمن أمن كيان الاحتلال الإسرائيلي، مع الأخذ بعين الاعتبار موافقة الأطراف الفاعلة في المنطقة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن".