قضى نائل البرغوثي ثلثي حياته في السجون الإسرائيلية
قالت مصادر عائلية إن السجين نائل البرغوثي من بلدة كوبر شمال رام الله في الضفة الغربية المحتلة، اتصل بعائلته يوم الثلاثاء 18 فبراير 2025، وأبلغهم بأنّه سيتم الإفراج عنه في الدفعة المقبلة، ضمن صفقة التبادل.
وأضافت العائلة أن البرغوثي تواصل مع زوجته من سجن كتسيعوت (النقب)، وأبلغها بأنّ الإفراج عنه سيكون ضمن الدفعة المقبلة..
ويكتسب نائل البرغوثي رمزية خاصة لدى الفلسطينيين كونه أمضى نحو 45 عاماً في السجون الإسرائيلية، وهي أطول مدة قضاها أي سجين فلسطيني، بحسب "هيئة شؤون الأسرى" الفلسطينية، ومن هنا، اكتسب لقبه داخل الأوساط الفلسطينية، "عميد الأسرى".
يبلغ البرغوثي من العمر 67 عاماً، قضى ثلثي حياته تقريباً في السجون الإسرائيلية، بينها 34 عاماً قضاها بشكل متواصل.
واعتُقل نائل عام 1978 بعد اعتراضه طريق حافلة تقل عمّالاً شمال مدينة رام الله، ومقتل سائقها الإسرائيلي، مردخاي يعقوب، فحُكم عليه بالسجن المؤبد بالإضافة إلى 18 عاماً.
وتقول مصادر أخرى إن اعتقال نائل كان بتهمة قتل عسكري إسرائيلي قرب رام الله.
وبقي نائل قابعاً في السجون الإسرائيلية لمدة 34 سنة، غيّر خلالها انتماءه السياسي من حركة فتح إلى "حماس"، وذلك بالتزامن مع توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993، بين إسرائيل والفلسطينيين بقيادة ياسر عرفات آنذاك.
تفاصيل من حياته
وُلد في بلدة كوبر شمال غربي مدينة رام الله، وينحدر من عائلة البرغوثي التي تنتمي إليها شخصيات فلسطينية بارزة، من أمثال مروان البرغوثي، القيادي السياسي في حركة فتح، والقابع كذلك في السجون الإسرائيلية.
درس المرحلة الابتدائية في قريته كوبر، ثم أكمل دراسته الإعدادية والثانوية في مدرسة الأمير حسن في قرية بيرزيت المجاورة.
تقول مصادر صحفية، إن النشاط السياسي لنائل بدأ في سن مبكرة جداً، وبعد وقت قصير من احتلال إسرائيل للضفة الغربية سنة 1967، حيث نشط رفقة أخيه عمر، وابن عمه فخري، في الكتابة على الجدران، وقطع الطريق أمام حافلات العمّال المتجهة من الضفة الغربية إلى إسرائيل عام 1968، في وقت لم يتجاوز نائل فيه الحادية عشرة من عمره.
وفي منتصف السبعينات، انتقل أخوه عمر للدراسة في بيروت، وتبعه ابن عمه فخري، وانتظما هناك في صفوف حركة فتح، التي كانت في أوج نشاطها خلال تلك الفترة في بيروت، وتلقيا تدريباً عسكرياً بحسب تلك المصادر.
وفي نهاية السبعينات، عاد عمر وفخري إلى الضفة الغربية، وانضم إليهما نائل الذي كان على مقاعد الدراسة الثانوية في بلدة بيرزيت، ومن تلك النقطة، قرر الثلاثة البدء في نشاطهم العسكري.
وتقول مصادر إن نائل وعمر وفخري، كانوا يدخلون بشكل متكرر إلى الأراضي الإسرائيلية للبحث عن أهداف لعملياتهم العسكرية المستقبلية، ونفذوا عملية تخريب لمصنع في حيفا، وخططوا لتفجير مقهى في مدينة القدس.
خلال فترة سجنه رأى على إحدى الشاشات الإسرائيلية تقريراً عن شابة فلسطينية تُدعى أمان نافع، وهي سجينة فلسطينية اعتقلت سنة 1987 بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في القدس، وأُطلق سراحها سنة 1997، وقرر عند تلك المرحلة الارتباط بها، وطلب من عائلته الذهاب إلى منزل ذويها لطلب يدها، لكن أمان رفضت ذلك لأنها لم تكن على معرفة به آنذاك.
تزوج البرغوثي من أمان نافع بعد شهر واحد فقط من الإفراج عنه عام 2011
في يونيو عام 2006، نفذت حركة حماس عملية داخل الأراضي الإسرائيلية على مقربة من الشريط الحدودي لقطاع غزة، وأسفرت تلك العملية عن احتجاز الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وفي نهاية عام 2011، توصلت "حماس" وإسرائيل إلى اتفاق تبادل، عُرف باسم "صفقة شاليط". تضمنت الصفقة الإفراج عن الجندي شاليط، في مقابل إفراج إسرائيل عن 1027 سجيناً فلسطينياً.
وكان نائل من بين المفرج عنهم في إطار تلك الصفقة، التي شهدت كذلك الإفراج عن يحيى السنوار، الذي اصبح فيما بعد رئيس حركة حماس في غزة، والعقل المدبّر لهجوم السابع من أكتوبر 2023.
وبعد شهر واحد فقط من الإفراج عنه، تزوج من أمان نافع، وعاد ليعيش في قريته كوبر.
نائل البرغوثي خلال فترة الإفراج عنه (2011-2014)
تقول بعض المصادر إن نائل كان خاضعاً لما يشبه الإقامة الجبرية، إذ كانت حركته محصورة فقط داخل رام الله والقرى المحيطة بها، وعمل في استصلاح وزراعة الأراضي داخل قريته.
وفي عام 2014، اختُطف ثلاثة فتية إسرائيليين جنوبي الضفة الغربية المحتلة، ليُعثر على جثثهم لاحقاً قرب إحدى قرى الخليل، واتهمت إسرائيل خلية تابعة لحركة حماس بتنفيذ عملية الاختطاف.
ونفذت إسرائيل بعد ذلك حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية، وأُعيد اعتقال العشرات ممن أُفرج عنهم ضمن صفقة شاليط.
وأُعيد اعتقال نائل البرغوثي في يونيو 2014، بتهمة خرقه لشروط الإفراج عنه، وتقول مصادر إسرائيلية إن إعادة اعتقاله تمت على خلفية خطاب ألقاه في جامعة بيرزيت عن تجربته في السجن، إضافة إلى تقارير في وسائل إعلام فلسطينية تحدثت عن ترشيحه لمنصب وزير شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية.
وحُكم عليه في البداية بالسجن لمدة 30 شهراً، وأنهى فترة محكوميته نهاية عام 2016، لكن لم يُطلق سراحه بعد ذلك أبداً.
وتقول مصادر إسرائيلية، إن المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سجن عوفر، توصلت في مايو2015، إلى أن نائل لم يرتكب أي أفعال فيها خرق لشروط إطلاق سراحه، لكنها تراجعت عن قرارها في بداية عام 2017.
وتضيف المصادر، أن قراراً صدر بعد ذلك عن المحكمة العسكرية بالعودة إلى تنفيذ حكمه السابق الذي صدر بحقه في عام 1978.
وتقول مصادر فلسطينية إن السلطات الإسرائيلية، أعادت تنفيذ حكمه السابق بحقه، وهو السجن المؤبد و18 عاماً، بسبب وجود "معلومات سرية" في القضية.
وقدم محاميه التماسات عدة ضد قرار إعادة تنفيذ حكمه بالسجن المؤبد، لكن لم يصدر قرار بشأن تلك الالتماسات بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية. فيما نقلت مصادر إسرائيلية، تصريحات للجيش الإسرائيلي في سنة 2022، قال فيها إن محكمة عسكرية أعادت الحكم الأصلي بحق البرغوثي عند الاستئناف.