أعلن بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأجيل الإفراج عن السجناء والمعتقلين الفلسطينيين والذي كان مقرراً السبت 22 فبراير الجاري "حتى يتم ضمان إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الآخرين، ودون طقوس مهينة".
وقال البيان إن ذلك جاء بسبب "الانتهاكات المتكررة من قبل حماس، بما في ذلك الطقوس التي تهين كرامة الرهائن والاستخدام السياسي الساخر بهدف الدعاية".
من جهتها، استنكرت حركة "حماس" قرار إسرائيل بتأجيل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، مشيرة إلى أن "هذا القرار يكشف مجددًا مراوغات الاحتلال وتنصله من التزاماته".
وقال عزت الرشق، عضو المكتب السياسي للحركة: "تذرع الاحتلال بأن مراسم التسليم مهينة هو ادعاء باطل وحجة واهية تهدف للتهرب من التزامات الاتفاق. هذه المراسم لا تتضمن أي إهانة للأسرى، بل تعكس التعامل الإنساني الكريم معهم".
وأضاف: "الإهانة الحقيقية هي ما يتعرض له أسرانا خلال عملية الإفراج، من تعذيب وضرب وإذلال متعمد حتى اللحظات الأخيرة. الأسرى الفلسطينيون يتم إطلاق سراحهم وهم مقيدو الأيدي ومعصوبو الأعين، كما يتم تهديد ذويهم بعدم إقامة أي احتفالات لاستقبال أبنائهم المحررين".
وطالب الرشق الوسطاء والمجتمع الدولي "بتحمل مسؤولياتهم والضغط على الاحتلال لتنفيذ الاتفاق والإفراج عن الأسرى دون أي تأخير".
وسلمت حركة حماس، يوم السبت 22 فبراير الجاري، ست محتجزين إسرائيليين للصليب الأحمر ضمن الدفعة السابعة والأخيرة من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيّز في 19 يناير الماضي.
وأفرجت "حماس" عن المحتجزين الإسرائيليين على ثلاث دفعات، إذ أفرجت عن رهينتين صباح 22 الجاري، أحدهما أفيرا منغيستو، من أصل إثيوبي، المحتجز لدى حماس منذ عام 2014 بعد عبوره إلى غزة، وتمت مراسم تسليم الرهينتين إلى الصليب الأحمر في رفح، جنوبي قطاع غزة.
كما أفرجت حماس لاحقاً عن ثلاث محتجزين آخرين في النصيرات وسط قطاع غزة، في مراسم صعد فيها الرهائن إلى المنصة ممسكين بشهادات سلمتها لهم حماس.
أما المحتجز السادس، هشام السيد، وهو من فلسطينيي الداخل، فقال قيادي في حماس لبي بي سي إن كتائب القسام قررت تسليمه دون مراسم، "احتراماً لفلسطينيي الداخل".
وقال الجيش الإسرائيلي في منشور على إكس، إنه جرى نقل السيد في مروحية مع أفراد عائلته إلى المستشفى، وذلك بعد بيان آخر للجيش، قال فيه إن حماس "لن تقيم مراسم للرهينة هشام السيد، احتراماً لفلسطينيي الداخل".
وبحسب قناة I24 الإسرائيلية، فإن السيد "تسلل" إلى قطاع غزة خمس مرات في السابق، وتمّ إعادته إلى إسرائيل ضمن صفقات تبادل مع حماس عامي 2010 و2013، قبل أن يُحتجز مرة أخرى عام 2015 بعد تسلله إلى غزة.
وتقول عائلة هشام السيد، البالغ من العمر 36 عاماً، إنه يعاني من مرض فصام الشخصية بحسب القناة الإسرائيلية.
فرحة وانكسار
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عودة المحتجزين بأنها "لحظة فرح"، رغم أن إسرائيل "محطمة" بسبب ما وصفه بـ"القتل الوحشي" للرهينة الإسرائيلية شيري بيباس وولديها.
وقال نتنياهو في بيان: "بعد إصرارنا الحازم ومطالبتنا الصريحة بالعودة الفورية لشيري، نجحنا في إعادتها الليلة الماضية للدفن في إسرائيل"، متعهداً: "لن ننسى أبداً، ولن نسامح أبداً".
وكانت "حماس" قد قالت سابقاً إن شيري وولديها قُتلوا في غارة جوية للجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، ولم تتمكن بي بي سي من التحقق من ذلك بشكل مستقل، بينما قال مدير المعهد الإسرائيلي للطب الشرعي تشين كوغل مساء السبت أنه تمّ التعرف "على رفات شيري بيباس بعد يومين من التعرف على طفليها، أرييل وكفير، ولم يقد الفحص للعثور على أي دليل على إصابتهم نتيجة قصف".
يأتي ذلك بعدما اتهم نتنياهو الجمعة الماضية حركة حماس بارتكاب "عمليات قتل مروعة"، فيما اتهمها الجيش بقتل الطفلين "بأيدٍ عارية" أثناء احتجازهما في قطاع غزة.
وأصدرت "حماس" الجمعة بياناً نفت فيه اتهام المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن الحركة قتلت عائلة بيباس، واصفة ذلك بأنه "أكاذيب" ، و"محاولة يائسة للتنصل من مسؤولية جيشه عن مقتل العائلة".
الإفراج عن 600 فلسطيني
وكان من المفترض أن تُفرج إسرائيل عن أكثر من 600 معتقل وسجين فلسطيني، قبل أن تعلن تأجيل العملية حتى مساء السبت، ثم إعلان نتنياهو تأجيلها حتى "ضمان عودة الرهائن الإسرائيليين الآخرين، ودون مراسم".
وأعلن نادي الأسير الفلسطيني، أن من بين الفلسطينيين الذين كان من المفترض الإفراج عنهم، 50 سجيناً محكومين بالسجن المؤبد، فيما كان مقرراً إبعاد 108 شخص من إجمالي المفرج عنهم خارج الأراضي الفلسطينية.
وبحسب بيان صادر عن مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني، فإن 41 سجيناً فلسطينياً ممن كان مُفترضاً أن يُفرج عنهم السبت، أُعيد اعتقالهم بعد صفقة شاليط عام 2011، و445 شخصاً تمّ اعتقالهم من قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وكان من بين أبرز الأسماء الذين أُعلن عن الإفراج عنهم، نائل البرغوثي، الملقّب بـ"عميد الأسرى"، حيث أمضى 45 عاماً في السجن وهي أطول مدة يقضيها سجين فلسطيني، بحسب هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية، إذ تمّ اعتقاله أول مرة بتهمة مهاجمة الجيش الإسرائيلي في عام 1978.
وقالت مصادر من عائلة البرغوثي من بلدة كوبر شمال رام الله في الضفة الغربية المحتلة، إنه اتصل بعائلته من سجن كتسيعوت بالنقب، الثلاثاء الماضي، وأبلغهم بأنّه سيُفرج عنه في الدفعة السابعة، ضمن صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس.
إسرائيل "تواصل المماطلة" في تنفيذ البنود
ومع إعلان نتنياهو تأجيل الإفراج عن السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، تتجه الأنظار حول مصير الدفعة السابعة السجناء، التي كان من المفترض أن تكون الأخيرة ضمن صفقة تبادل الرهائن الإسرائيليين الأحياء بالسجناء والمعتقلين خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي ستنتهي تماماً بعد أن تسلم حماس أربع جثث لإسرائيليين الخميس القادم.
ومن المفترض أن تبدأ المرحلة الثانية في الثاني من مارس المقبل، التي تأذن بإنهاء الحرب في قطاع غزة، لتبدأ بعدها المرحلة الثالثة والأخيرة، المتعلقة بإعادة إعمار القطاع.
ومع نهاية المرحلة الأولى، ستكون حماس قد أطلقت سراح 33 رهينة إسرائيليين، بينهم ثمانية جثامين، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 1900 سجين فلسطيني.
وأكدت حركة حماس التزامها باتفاق وقف إطلاق النار وجاهزيتها للمرحلة الثانية، متهمة الجانب الإسرائيلي بـ"مواصلة المماطلة في تنفيذ بنوده".
وحذر البيان إسرائيل من محاولات "التنصل" من الاتفاق، مشدداً على أن أمام إسرائيل خيارين: "إما أن يستقبلوا أسراهم في توابيت كما جرى يوم الخميس، بسبب عنجهية نتنياهو، أو أن يحتضنوا أسراهم أحياء التزاماً بشروط المقاومة"..
وقال عبد اللطيف القانوع، الناطق باسم حماس، في بيان له إن "المقاومة مستمرة في استكمال عمليات التبادل وإلزام إسرائيل بتنفيذ ما تبقى من الاتفاق، وأن ضمان إتمام عمليات التبادل القادمة مرهون بالتزام إسرائيل بباقي بنود الاتفاق وتنفيذ البروتوكول الإنساني".
وأشارت "حماس" في بيان إلى أن "الوضع في غزة كارثي، ما يتطلب من الوسطاء الضغط على الاحتلال لتنفيذ البروتوكول الإنساني، وتوفير مستلزمات الإيواء والإغاثة لشعبنا، مجددة جاهزيتنا لإتمام عملية تبادل واسعة وكاملة دفعة واحدة تستند إلى وقف نهائي للحرب، وانسحاب الاحتلال وإعمار قطاع غزة".