انطلق الثلاثاء في العاصمة السورية، دمشق، مؤتمر الحوار الوطني السوري بمشاركة مئات الشخصيات الممثلة لأطياف المجتمع السوري.
ويهدف المؤتمر إلى إقرار توصيات تتعلق بأسس المرحلة الانتقالية المقبلة في البلاد.
وقالت صحف محلية، نقلاً عن مصادر مطلعة في دمشق، إن حوالي 600 شخص من مختلف المحافظات السورية يشاركون في المؤتمر، لمناقشة ستة ملفات رئيسية أبرزها: العدالة الانتقالية، وصياغة الدستور، وقضايا الحريات الشخصية، والمبادئ الاقتصادية للبلاد.
وألقى رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، كلمة افتتاحية للمؤتمر، أكد فيها على ضرورة مواجهة "كل من يريد العبث بأمن سوريا ووحدتها". وأضاف أن "وحدة السلاح واحتكاره بيد الدولة ليس رفاهية بل هو واجب"، وفق تعبيره.
وأضاف الشرع بأن "السلم الأهلي واجب على السوريين جميعاً"، وأشار إلى ما أسماها "الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف معينة، وتعرض نفسها الحامية المنقذة لها"، واصفاً هذه الدعوات بـ " الفارغة".
وقال الشرع إن السلطات الجديدة في البلاد عملت خلال الشهرين الماضيين على ملاحقة من وصفهم بـ "مرتكبي الجرائم بحق السوريين"، وإنها ستعمل على تشكيل هيئة للعدالة الانتقالية.
وشدد الشرع على أن سوريا لا تقبل القسمة وقوتها في وحدتها، مؤكداً على ضرورة بناء الدولة على أساس القانون، وأن "يُحترم القانون من قبل واضعيه حتى يحترمه الناس".
وشخّص الشرع الأوضاع الحالية في سوريا بالقول إن البلاد "أُنقذت من الهلاك" لكنها "مثقلة بالجراح"، وإن سوريا تعاني من "تدمير ممنهج لاقتصادها"، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ قرارات جريئة تعالج مشكلاتها ولو كانت هذه القرارات مؤلمة، على حد تعبيره.
وأكّد الشرع على أن سوريا "تراجعت" عن محيطها الإقليمي والدولي، وعليها أن "تسارع باللحاق واتخاذ الخطوات المناسبة لذلك".
ونشر مدعوون برنامج عمل المؤتمر الذي بدأ باجتماعات غير رسمية بعد ظهر أمس الإثنين. وجرى توزيع المشاركين على ست مجموعات عمل تتناول كل منها محوراً من الموضوعات التي سيجري مناقشتها اليوم، يلي ذلك جلسة ختامية يصدر عنها بيان.
غياب كردي
ويشارك في المؤتمر ممثلون عن المجتمع المدني وعن الطوائف وشخصيات معارضة وفنانون.
ولم تتلق الإدارة الذاتية الكردية وذراعها العسكرية، قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، دعوة للمشاركة في المؤتمر، وفق ما أعلن المنظمون في وقت سابق، باعتبار أنه لم تتم دعوة أي كيانات او تشكيلات عسكرية "ما زالت تحتفظ بسلاحها".
وتسيطر الإدارة الكردية على جزء كبير من شمال شرق البلاد الغني بالنفط، حيث تقيم إدارة ذاتية بحكم الأمر الواقع.
وتشن فصائل سورية مدعومة من تركيا هجمات على مواقع قوات سوريا الديموقراطية في شمال سوريا، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في غياب أي مؤشرات إلى تراجعها.
"لا مساس بسيادتنا"
وألقى وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، كلمة، أكد فيها العمل على رفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا وفتح فرص استثمارية جديدة، مشيراً إلى أن السلطات الانتقالية في البلاد "نجحت في تعليق بعض العقوبات وتخفيف آثارها".
وقال الشيباني إن المرحلة الماضية شهدت حضور سوريا مؤتمرات دولية مهمة، وإن ذلك يشكل "خطوة مهمة" في مسار استعادة دورها على الساحة السياسية الدولية.
وتابع الشيباني بالقول إن سوريا واجهت خلال السنوات الماضية ظروفاً استثنائية، وإن السطات الجديدة "لم تستسلم للضغوط"، وعملت على الانفتاح والدبلوماسية الفاعلة، على حد تعبيره.
وشدد الشيباني على أن دمشق "لن تقبل بأي مساس بسيادتها أو استقلال قرارها الوطني"، مشيراً إلى حرص السلطات الانتقالية على تطوير علاقات متينة مع الدول التي "احترمت سيادة سوريا" دون إغلاق باب الحوار مع أي طرف يرغب في إعادة بناء العلاقات.
تعليق العقوبات
في سياق متصل، أعلنت دول الاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، تعليق عقوباتها المفروضة على سوريا، التي تطال قطاعات اقتصادية رئيسية، في قرار رحّب به وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية.
واتخذ وزراء خارجية الدول الـ27 المجتمعون في بروكسل قراراً رسمياً بهذا الشأن، يستهدف قطاعات المصارف والطاقة والنقل.
وكتب وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية السورية، أسعد الشيباني، أمس الإثنين على منصة إكس: "نرحب بقرار الاتحاد الأوروبي تعليق بعض العقوبات على قطاعات محددة، ونرى في ذلك خطوة نحو تخفيف معاناة شعبنا".
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى المساعدة في إعادة بناء سوريا بعد أعوام من الحرب الأهلية، والإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي. كما يعمل على نسج علاقات مع الإدارة الجديدة في دمشق التي تطالب برفع العقوبات الغربية التي فرضت على البلاد في عهد الأسد.
وفُرضت هذه القيود والعقوبات على حكومة الأسد وقطاعات كاملة من الاقتصاد السوري خلال سنوات النزاع الذي اندلع عام 2011.
وكانت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قد أكدت الشهر الماضي بأن الاتحاد يمكن أن يعيد فرض العقوبات في حال "لم يحترم القادة السوريون الجدد حقوق الإنسان أو القيم الديمقراطية".