سلطت صحف عربية الضوء علي الأزمة بين نقابة المعلمين الأردنية والحكومة، بعد أن قررت السلطات وقف النقابة عن العمل وإغلاق مقارها وإلقاء القبض على عدد من أعضائها.
وانطلقت أمس في عدة محافظات مظاهرات شارك فيها معلمون ومواطنون، طالبوا الحكومة بالتراجع عن قراراتها بوقف عمل النقابة لمدة عامين، والإفراج الفوري عن معتقلي النقابة، التي تعد أكبر النقابات المهنية في البلاد.
المشهد "غاية في الاحتقان"
يقول حازم عياد في "السبيل" الأردنية إن "الأزمة ستمتد لفترة طويلة في ظل إضاعة الفرص وانعدام المبادرات للحد من تفاعلاتها السلبية ... توصيف الأزمة بات صعبا وتجاهل الاعتقالات والوقفات الاحتجاجية من وسائل الإعلام المحلية بات أمرا مستحيلا، فالأزمة متدحرجة، وتستقطب اهتمام وسائل الإعلام الدولية والإقليمية، والتغطية المحلية حتمية عاجلا أم آجلا. الأزمة تتخذ مسار التصعيد والمواجهة، معززة لاحتقان اجتماعي واتساع فجوة الثقة بين الحكومة والشارع".
ويرى الكاتب أن "المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الأردن غاية في الاحتقان، ويحتاج وقفة صادقة وحوار معمق لوقف الاحتقان واستبدال عمليات التصعيد بجهود تهدئة ومبادرات تنهي الاحتقان المجتمعي، وتستثمر في فرص التهدئة بدل إضاعتها. فالتعتيم الإعلامي وتجاهل الأزمة لن يؤدي إلى اختفائها بل سيساهم في تفاقمها واتساعها، لتتحول بذلك قضية المعلمين إلى قضية كل المستائين والمتشككين في الأداء الحكومي. فالشجرة التي صعد عليها الجميع تنمو وتكبر بتسارع يفوق علو السلم الذي أسند إليها".
ويقول فؤاد البطانية في "رأي اليوم" اللندنية إنه "على عقل النظام أو صاحب القرار أن يدرس حالة الحراكات المطلبية من خلال حراك المعلمين ونتائجه كفئة واعية لا تقاوم بزخمها الكمي والنوعي وصلابتها دون حساب لتضحيات أو لعسكر السلطة، ولأن السبب لامس قناعتهم وحاكى معيشتهم ورزق أطفالهم وحقوقهم المكتسبة. وتم وسيتم حشد الأمهات والآباء والأبناء فيه لجانبهم وكذلك الحراكات السياسية وكل نفس ثائرة على الجوع. فأسباب صمت الشعب تراجعت وآلية الحراك السياسي ستتغير".
ويضيف الكاتب: " ولذلك أنصح الملك بهدنة مع الشعب يتسع فيها صدره من أجل الوطن، تبدأ بتراجعه عن استهداف حقوق المعلمين المعيشية المكتسبة. وبتراجعه كملك للجميع، عن تقسيم الأردنيين لفئتين، .. موالية لسياساته يحتضنها مطلقة اليد العابثة، ومعارضة لها تهيم بين خيارات الاضطهاد والحرمان من الحقوق والسجون والاغتراب".
"التحريض على تحدي القانون"
ويقول محمد داودية في "الدستور" الأردنية: "آخر ما يريده الرأي العام الأردني، والمعلمون في طليعته، أن يتسبب أي حدث في إرهاق أبنائنا رجال الأمن العام، الذين ظلوا طيلة الأشهر الخمسة الماضية في استنفار قاس صعب، يسهرون على الحظر ويمنعون التمادي في الاختلاط، حفاظا على صحة الشعب... كل شيء قابل للحل بالتفاهم والتحاور وليس بالتنمر والاستفزاز والشتم والتطاول وانتهاك القانون".
ويضيف الكاتب أنه "للأسف البالغ أننا شاهدنا أشرطة فيديو، صعقنا ما فيها من إسفاف وشتم والهبوط الشديد في المستوى الأخلاقي للخطاب البعيد كل البعد عن لغة المعلمين ورفعتهم وطليعيتهم وعقلانيتهم. التحريض على تحدي القانون وكسر هيبة الدولة. والدعوة الى اعتصام واسع، علاوة على أنه غير ممكن إطلاقا، فهو غير مقبول. وهو بكل تأكيد سيجر إلى شر وأذى وضرر، نحن في غنى كلي عنه".
أما محمد أبو رمان فيقول في "العربي الجديد" اللندنية إنه: "لم يكن تجنّب الأردن سيناريو ما حدث في دول عربية عديدة خلال حقبة الربيع العربي محض مصادفة، بل لأنّ هنالك ما كان الإعلام الغربي يسميه الاستثنائية الأردنية ... ثمّة قلق في الأردن اليوم على صعيد النخب السياسية والمثقفين من أنّ هذا النموذج الاستثنائي أمام اختبار حقيقي مع الأزمة المتدحرجة بين الحكم والمعلمين".
ويضيف الكاتب: "ثمة شعور بالمرارة في أوساط رسمية من نتيجة الأزمة السابقة، ومن الاتفاقية التي توصلت إليها الحكومة مع المعلمين، وخشية رسمية واضحة من أن يصبح ذلك عنواناً لتنمّر أو تمرّد فئات أخرى من القطاع العام على الدولة، وبالتالي الوقوع في فخّ خطير من الأزمات التي تحمّل الموازنة العامة ما لا تحتمل ... يتطلع الأردنيون إلى ولوج العام المقبل بدولة قوية ومتماسكة، لكن القوة الحقيقية هي في صلابة العلاقة بين الحكم والمجتمع، وتجديد المشروع الوطني السياسي للدولة ورسالتها السياسية، وخطوات نحو تمكين جيل الشباب سياسياً، ليكونوا في مواقع القيادة".