بعد 3 أيام على هجوم مطار كابول وقبل 3 أيام من انتهاء سحب القوات الأجنبية من أفغانستان، سمعت أصوات انفجارات جديدة في محيط المطار الذي تستعد حركة طالبان لتسلمه فور مغادرة آخر جندي أميركي المفترض غدا. وقال مسؤولون أميركيون إن القوات الأميركية نفذت ضربة عسكرية في العاصمة الأفغانية كابول، مستهدفة سيارة يشتبه بأنها ملغومة وفي طريقها لتنفيذ هجوم على المطار.
وأضاف المسؤولون ان الضربة استهدفت مسلحين يشتبه في أنهم من تنظيم «داعش - ولاية خراسان».
وذكر شهود أن انفجارا وقع بالقرب من مطار كابول، وأظهرت لقطات تلفزيونية دخانا أسود يتصاعد في السماء. وتحدثت وسائل إعلام روسية عن وقوع قتيلين على الأقل.
ونقلت وكالة «اسوشيتد برس» أن الغارة الأميركية استهدفت آلية تحمل «عدة انتحاريين» مفترضين تابعين لداعش قبل قيامهم باستهداف عمليات إجلاء العسكريين الأميركيين في المطار.
وتحدثت الوكالة كذلك عن صاروخ ضرب منزلا في حي مجاور شمال المطار وأسفر عن مقتل طفل. ورجحت «اسوشيتد برس» أن الحادثين منفصلان.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن حذر أمس الأول من هجوم «محتمل جدا» على مطار كابول. وكتب بايدن في بيان: «أبلغني قادتنا بهجوم محتمل جدا خلال الساعات الـ 24 إلى الـ 36 المقبلة».
وبعد بضع ساعات حضت السفارة الأميركية جميع الأميركيين على مغادرة محيط المطار، وهو ما فعلته قبل أيام استباقا للهجوم الدامي الخميس الماضي.
المراحل الأخيرة
إلى ذلك، بدأت القوات الأميركية آخر مراحل عملية الإجلاء من كابول، والتي تنهي 20 عاما من التدخل في أفغانستان.
وقال مسؤول أمني غربي لـ «رويترز»، إن ما يزيد قليلا على ألف مدني كانوا بالمطار أمس في انتظار نقلهم قبل انسحاب القوات.
وأضاف: «ستبدأ القوات في الخروج بمجرد انتهاء هذه العملية». ونقلت الولايات المتحدة وحلفاؤها حوالي 114 ألف شخص إلى خارج أفغانستان خلال الأسبوعين المنصرمين.
وفي السياق، قال مسؤول في حركة طالبان لـ «رويترز» إنها أعدت فريقا يضم خبراء فنيين ومهندسين لتولي مسؤولية المطار.
وأضاف: «نحن في انتظار الإشارة الأخيرة من الأميركيين لنتولى بعدها السيطرة الكاملة على المطار إذ ان الجانبين يستهدفان تسليما سريعا».
وقال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، إن إدارة بايدن تتوقع أن تواصل طالبان السماح بمرور آمن للأميركيين وغيرهم لمغادرة أفغانستان بعد اكتمال الانسحاب العسكري الأميركي المقرر غدا.
وأضاف في مقابلة مع شبكة (سي.بي.إس): «لقد تواصلت طالبان (معنا)، في السر والعلن على حد سواء، وقالت إنها ستسمح بممر آمن».
وتابع: «بعد الحادي والثلاثين من أغسطس سنتأكد من وجود ممر آمن لأي مواطن أميركي، أي مقيم دائم شرعي». وذكرت وكالة «بلومبيرغ» نقلا عن إنهام الله سامانجاني عضو اللجنة الثقافية التابعة للحركة أنها سيطرت على 3 بوابات في المطار وأنها ستسيطر على بقية البوابات في القريب العاجل.
تزامن ذلك مع اعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا وبريطانيا ستقدمان مشروع قرار خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن بشأن أفغانستان لاقتراح إقامة منطقة آمنة في كابول لحماية الراغبين في مغادرة البلاد.
وقال ماكرون في مقابلة مع صحيفة (لو جورنال دو ديمانش) نشرت امس: «يهدف القرار الذي نقترحه إلى تحديد منطقة آمنة في كابول، تحت سيطرة الأمم المتحدة، مما سيتيح استمرار العمليات الإنسانية».
من جهته، دافع رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون عن الجسر الجوي البريطاني للإجلاء من كابول وأشاد بأداء الجنود للمهمة وذلك ردا على انتقاد حكومته «لغفلتها عما كان يجري» في أفغانستان.
وغادرت آخر طائرة حربية بريطانية كابول في وقت متأخر أمس الأول في ختام أسبوعين من الفوضى ساعد الجنود خلالهما في إجلاء أكثر من 15 ألف شخص.
وقال جونسون إن بريطانيا لم تكن ترغب في مغادرة أفغانستان بهذه الطريقة.
الحكومة الجديدة
سياسيا، أفادت وسائل إعلام أفغانية بأن حركة «طالبان» ستعلن عن الحكومة الأفغانية الجديدة في غضون أسبوعين.
ونقلت وكالة «خاما برس» الأفغانية أمس عن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد قوله إن تشكيل مجلس الوزراء الجديدة سيختتم على الأرجح في غضون الأسبوعين القادمين. وذكر المتحدث أن «طالبان» عينت حتى أمس رؤساء شرطة في كل الولايات الأفغانية الـ 34.
وكانت «رويترز» نقلت عن مجاهد قوله إن تشكيلة الحكومة الجديدة ستعلن في غضون أسبوع، لكن الحركة نفت دقة التصريحات المنسوبة إليه.
وفي هذا السياق قال عضو في مجموعة تضم زعماء أفغانا مخضرمين، إن المجموعة تهدف إلى إجراء محادثات مع طالبان وتعتزم الاجتماع في غضون أسابيع لتشكيل جبهة جديدة تمهيدا لإجراء مفاوضات لبحث حكومة أفغانستان المقبلة.
وقال خالد نور، نجل عطا محمد نور الذي كان يوما ما حاكما قويا لإقليم بلخ الشمالي، إن المجموعة تشمل الزعيم الأوزبكي المخضرم عبدالرشيد دستم وآخرين يعارضون سيطرة طالبان على البلاد.
وأضاف نور (27 عاما) لـ «رويترز» في مقابلة من مكان لم يكشف عنه «نفضل التفاوض الجماعي لأن أيا منا لن يستطيع حل مشكلة أفغانستان بمفرده».
وتابع: «لذا فمن المهم مشاركة الجماعة السياسية كلها في البلاد خاصة الزعماء التقليديين وذوي النفوذ والدعم الشعبي».
وفر عطا نور ودستم، القائدان المخضرمان، من البلاد عند سقوط مدينة مزار الشريف الشمالية في أيدي طالبان من دون قتال قبل أسابيع.
وعلى عكس فترة حكمها السابق قبل عام 2001، سعت طالبان التي يغلب البشتون على مقاتليها إلى الحصول على دعم الطاجيك والأوزبك وأقليات أخرى مع استعدادها لشن هجومها الشهر الماضي.
وقال نور: «طالبان في هذه المرحلة في غاية الغرور لأنها حققت انتصارا عسكريا للتو. لكننا نفترض أنهم يعلمون خطر الحكم بالطريقة التي حكموا بها من قبل».