رغم فرض حظر التجول ورغم تهديدات الرئيس الاميركي دونالد ترامب باللجوء الى الجيش لإعادة الامور الى نصابها، تواصلت الاحتجاجات والتظاهرات ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة، ويبدو أن نسبة تأييد تلك الاحتجاجات آخذة في التزايد بين الاميركيين الناقمين على طريقة تعامل ترامب معها، بحسب استطلاعات الرأي.
وبعد تسعة أيام على مقتل الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض، ارتفعت حصيلة معتقلي احتجاجات «لا استطيع التنفس»، على يد الشرطة الأميركية إلى أكثر من 9300 شخص بجميع أنحاء البلاد، وفقا لإحصاءات «أسوشيتد برس».
وازدادت حدة الاحتجاجات التي حافظت على سلميتها حتى فجر أمس، حيث استهدفت قوات تنفيذ القانون المتظاهرين برذاذ الفلفل وأطلق بعض المتظاهرين ألعابا نارية ضد السلطات في ميدان لافاييت بالقرب من البيت الأبيض.
ونقل موقع «الحرة» أنه تم إخلاء الساحة المقابلة للبيت الأبيض من الصحافيين وتوسيع دائرة الإغلاق. وتم استقدام المزيد من القوات والتعزيزات الأمنية من الحرس الوطني إلى محيط البيت الأبيض، تحسبا لتصاعد المواجهات.
لكن ذلك لم يمنع عشرات الآلاف وبينهم السيناتورة الديموقراطية إليزابيث وارن من التجمع حتى وقت متقدم من فجر أمس، متحدين حظر التجول الذي أعلنته البلدية، فيما أقيمت سواتر معدنية حول البيت الأبيض لمنع أي مواجهة مباشرة مع قوات الأمن في محيطه.
كما تجمع عشرات الآلاف تكريما لذكرى فلويد سلميا في هيوستن، المدينة التي نشأ فيها في ولاية تكساس وحيث يوارى الثرى. وقال رئيس بلدية المدينة سيلفستر تيرنر «نريد أن يعرفوا أن جورج لم يمت سدى».
وفي لوس أنجيليس، ركع رئيس بلدية المدينة إريك غارسيتي مع شرطيين على ركبة واحدة، في الوضعية التي ترمز منذ 2016 إلى التنديد بعنف الشرطة ضد الأميركيين الأفارقة، وتذكر بالشرطي الذي قتل فلويد ضاغطا بركبته على عنقه لحوالي تسع دقائق.
من جهته، اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسائل الاعلام بالكذب مجددا وقال انها «زعمت» أنه تم استخدام الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين الذي وصفهم بمثيري الشغب.
وأضاف ترامب في تغريدة عبر حسابه على تويتر أمس «الإعلام زعم كذبا أن أعمال الشغب العنيفة كانت سلمية وأنه تم استخدام الغاز المسيل للدموع ضد مثيري الشغب».
ورغم إصرار ترامب على اتهام جماعات يسارية متطرفة بالتحريض على النهب والعنف، لكن تقييما استخباراتيا لا يقدم أدلة تذكر على أن متطرفين منظمين هم المسؤولون عن الاضطرابات. ففي جزء اطلعت عليه «رويترز» من تقييم استخباراتي داخلي للاحتجاجات بتاريخ الأول من يونيو، قال مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي الأميركية إن معظم أحداث العنف قادها انتهازيون استغلوا الحدث.
وقال التقييم، الذي أعدته وحدة الاستخبارات والتحليل بالوزارة، إن هناك أدلة تستند إلى مصدر مفتوح وإلى تقارير وزارة الأمن الداخلي تشير إلى أن حركة أنتيفا الفوضوية ربما تكون مشاركة في العنف، وهي وجهة نظر عبرت عنها أيضا بعض مراكز الشرطة المحلية في تصريحات علنية ومقابلات مع رويترز. واطلعت رويترز على جزء فقط من الوثيقة ولا يمكنها تحديد ما إذا كانت قد تناولت أساليب الجماعات المشاركة في الاحتجاجات بطريقة أكثر تفصيلا في أجزاء أخرى منها.
ولم يقدم الجزء الذي اطلعت عليه رويترز دليلا محددا على عنف يقوده المتطرفون، لكنه أشار إلى أن أنصار فكرة تميز البيض يعملون على الإنترنت لتأجيج التوتر بين المحتجين وأجهزة إنفاذ القانون عن طريق الدعوة إلى ارتكاب أعمال عنف ضد كل من الطرفين.
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز/ إبسوس» أن معظم الأميركيين يتعاطفون مع الاحتجاجات. وتوصل الاستطلاع إلى أن 64% من الأميركيين البالغين «يتعاطفون مع من يخرجون للتظاهر في الوقت الحالي» فيما قالت نسبة 27% منهم إنها لا تشعر بالتعاطف مع المحتجين وقال 9% إنهم غير متأكدين. وسلط الاستطلاع الضوء على المخاطر السياسية أمام ترامب الذي اتبع نهجا حازما إزاء الاحتجاجات وهدد بنشر الجيش الأميركي لإخماد العنف.
وقال أكثر من 55% من الأميركيين إنهم لا يوافقون على طريقة تعامل ترامب مع الاحتجاجات بما في ذلك 40% قالوا إنهم يرفضون ذلك «بشدة».