ألغت دول «أوپيك بلس» اجتماعها الذي كان مقررا يوم الإثنين الماضي، منهية على احتمالات إبرام اتفاق لزيادة الإنتاج تلبية للطلب العالمي المتزايد على النفط، وبحسب بيان رسمي صدر عن منظمة أوپيك، أعرب «محمد باركيندو» الأمين العام للمنظمة عن أسفه لهذا الإلغاء وأن الموعد الجديد للاجتماع سيحدد في الوقت المناسب.
وساطة تلوح في الأفق
ويرى كريستوفر هينز، محلل قطاع النفط في شركة «أسبكتس إنرجي» أن الولايات المتحدة يمكنها أن تلعب دور الوسيط القادر على إقناع الجميع بالتوصل إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف دون الاضطرار إلى إدخال تعديل على خط الأساس.
ونقلت بلومبيرغ عن مسؤولين في البيت الأبيض القول إنه رغم عدم اشتراك الولايات المتحدة في محادثات أوپيك بلس، فإنها «تراقب المفاوضات عن كثب وكذا تأثيراتها على التعافي الاقتصادي العالمي من الجائحة.. مسؤولو الإدارة يتواصلون مع العواصم المعنية لحثها على التوصل إلى حل وسط يسمح بإقرار الزيادة المقترحة في الإنتاج».
أسباب صعود النفط
وبالنظر إلى أسباب صعود النفط، فقد ارتفع في الـ6 أشهر الأولي للعام الحالي من مستوى أقل من 50 دولارا إلى حاجز الـ74 والـ75 دولارا حاليا، حدث ذلك لأسباب جوهرية وتغيرات كبيرة في الأسواق والسياسة لما هو أبعد وأعمق من إلغاء اجتماع أوپيك بلس.
الوضع الجديد يتمثل في تطورات متلاحقة أبرزها تسارع عمليات التطعيم حول العالم مع توسع الحكومات في شراء وتوريد لقاحات كورونا للسيطرة على تفشي الفيروس بما يعنيه ذلك من تخفيف للقيود.
مكون رئيسي في هذا الوضع الجديد هو فتح الاقتصادات والأنشطة وتخفيف القيود والإغلاقات حول العالم بما يعنيه ذلك من ارتفاع وتيرة الطلب على النفط نتيجة عودة أنشطة وأعمال كثيرة تستلزم مزيدا من الطاقة فترتفع الأسعار.
المكون الرئيسي الثاني في صعود النفط الشهور الأخيرة هو خطة خفض الإنتاج التي اتبعتها أوپيك بلس منذ بداية الجائحة ولمدة عام تقريبا، قبل ان تبدأ في تخفيف التخفيض ثم التحول إلي زيادة الإنتاج تدريجيا بدءا من مايو الماضي.
تحديات تواجه الصعود
لكن ورغم الوضع الجديد للاقتصاد العالمي والملامح الواضحة للتعافي والعودة لما قبل كورونا، فإن هناك عددا من التحديات والتهديدات التي تحوم حول التعافي وقد توقف مسلسل صعود النفط، يتمثل أولها في ارتفاع الإصابات حول العالم.
ثاني هذه المخاوف هو احتمالات تقليص برامج التيسير الكمي والتحفيز، نظرا إلى عودة شبح التضخم للتأثير على التوقعات المستقبلية ما يضطر البنوك المركزية حول العالم إلى التفكير جديا في تخفيض مشترياتها من الأصول إذا استمرت البيانات الاقتصادية على النهج الحالي.
ثالث المخاوف هو احتمالية نجاح مفاوضات جنيف مع طهران وما ينتج عن ذلك من عودة للنفط الإيراني إلى الأسواق ما يسبب تخمة للمعروض تكبح من ارتفاعات أسعار برميل البترول أو حتى تقلب منحني الارتفاع إلى هبوط.
عودة القيود والإغلاق قد يعرقل رحلة صعود النفط أيضا، بعض البلدان كألمانيا وأميركا وأستراليا فرضت قيودا جديدة على الحركة والنشاط والسفر، أستراليا على سبيل المثال عادت لتفرض قيودا على ملايين المواطنين.
القيود تشمل 12 مليون أسترالي يسكنون في أربع مدن هي: سيدني، داروين، بيرث وبريزبين، عودة شبح الإغلاق والتقييد يعني عدم الحاجة لمزيد من النفط وبالتالي طلب أقل وبالتالي تنخفض الأسعار أو تستقر.
سلالات كورونا المتحورة هي آخر الأسباب التي من المحتمل -لو اتسعت رقعتها- أن تسهم في قلب منحنى النفط الفترة المقبلة نحو الانخفاض بدلا من الارتفاع، حيث انتشرت هذه السلالات في نحو 85 دولة حتى الآن وآخرها «المتحور دلتا» خاصة وأنه لا تزال هناك شكوك وأسئلة عدة حول فاعلية اللقاحات المتاحة في مواجهة هذه التحويرات.
سلع تصاحب النفط صعوداً
حين يرتفع النفط أو يشعر السوق باحتمالات ارتفاع سيحدث الفترة المقبلة كما هو الحال الآن، يبدأ في التحوط من التضخم عبر الاستثمار في الأصول الآمنة مثل الذهب، لماذا يحدث تضخم؟ لان النفط يدخل في تسعير كل شيء وبالتالي فإن ارتفاعه يعني صعودا في تكاليف السلع/ الخدمات المباعة، وبالتالي تكون آفاق التضخم متشائمة.
وهناك طلب كبير على الذهب لوحظ الأيام الأخيرة ولن يكون الأخير أو الوحيد، وذلك كنتيجة طبيعية للقلق من ارتفاع النفط، الذي بدوره يعمق الضغوط التضخمية على كاهل المنتج والمستهلك على حد سواء في كافة الأسواق والسلع.