بقلم: د. صالح ليري
ذكريات جميلة جمعتني مع الأخ المرحوم جواد عاشور الحبيب والقريب من القلب، ذكريات لا يمكن ان انساها في مراحل هذه الحياة، مراحل الشباب والسفر والدراسة.
المرحوم جواد عاشور مهما تحدث عنه لن أوفيه حقه لأنه من الأصدقاء النادرين في هذه الحياة، رحلتي مع «بومحمد» بدأت في النادي العربي، رغم أنها قصيرة بالنسبة لي، لأنني ذهبت للدراسة في القاهرة في السبعينيات من القرن الماضي، ولأنني كنت أتابع مباريات النادي العربي، وكنا من سكان الخالدية في الستينيات، وندرس في مدرسة الفيحاء المتوسطة، ونلعب الكرة في المدرسة، ثم إلى مركز الفيحاء الرياضي مع الكابتن (مندي) وكان أيامها العزيز «بومحمد» من سكانها ومن الذين ذهبوا إلى المركز، ثم كنت أتصادف باللقاء معه كثيرا في القاهرة في الثمانينيات، وكان من الذين يحبون القاهرة كثيرا ويرتاح فيها، ومن المترددين عليها أحيانا مرتين في الأسبوع، وفي الثمانينيات كانت عنده سيارة فيات (128) حمراء، يذهب بها الى المطار ويضعها في المطار هناك، ويعرف انه راجع بعد يومين بنفس الدشداشة، ولا يلبس في القاهرة أي بنطلون أو بدلة لأنه كان يعشق الدشداشة، وعندما نتقابل في القاهرة نسلم ونسأل عن الأحوال والصحة والأصدقاء.
من الذكريات التي لا أنساها معه عندما صادفته بالطائرة في رحلة العودة إلى الكويت ومعه بعض الاصدقاء، وعند الاقلاع طلبت المضيفة أن نربط الاحزمة، فرفض (بومحمد) أن يربط الحزام ودخل في نقاش مع المضيفة رغم اصرار كل منهما، وتصميم المضيفة، ونحن نجلس معه فقلنا له: «جواد حط الحزام على بعض، ولما تروح المضيفة شيل أيدك»، وحلينا المشكلة ببساطة ورضي كل منهم، وخلال الرحلة كان حديثنا عن الكرة في الكويت الآن وعن مستوى الرياضة عامة وعن التحكيم، وكل خمس دقائق يقطع «بومحمد» حديثنا ويقول لنا «نحن الآن فوق المنطقة الفلانية وأمامنا المناطق التالية في الطريق يذكرها بالاسم»، فقلت له «جواد انت من كثرة السفر بين الكويت والقاهرة حفظت خط سير الطائرة تماما واسم المناطق اللي تحتنا من القاهرة إلى السعودية ومتى نصل المطار ومتى يعطينا قائد الطائرة إشارة بدء النزول، الله يعطيك العافية على هالمعلومات».
الراحل جواد عاشور لاعب مميز في لعبة الترقيص وفي النفس الطويل من نصف الملعب، رغم عادة التدخين لديه، أما في مجال التحكيم فالكل يشهد له أنه كان صارما في قراراته يطبق القانون بحذافيره، ويعرف ألاعيب اللاعب ونيته من الفاول، ويعطي الحق في كروته الملونة دون تردد، والدليل عندما أعطى الكرت الأحمر للحارس القدير (أحمد الطرابلسي) لأول مرة في حياته الرياضية، ولا يمكن لأحد أن ينسى عندما طلب وبإصرار إخراج الجماهير من الملعب دون تردد، رغم التدخلات الكثيرة، لكن هذا جواد عاشور لا يتنازل عن رأيه وقراره، الله يرحمك يا «بومحمد» برحمته الواسعة ويسكنك فسيح جناته، اللهم أجز العزيز جواد عاشور عن الإحسان إحسانا وعن الإساءة عفوا وغفرانا، اللهم اغفر له وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أفسح له في قبره مد بصره، وافرش قبره من فراش الجنة، اللهم أعذه من عذاب القبر، وجاف الأرض عن جنبيه، اللهم املأ قبره بالرضا والنور، واحشره مع من يتوله من محمد وآل محمد، وآخر دعواتنا لأسرته الكريمة بالصبر والسلوان على الفراق.