هادي العنزي
كثيرة هي الأمثال والكلمات المأثورة التي توثق حالة التشابه بين الأب القدوة والابن الذي يسير على الأثر، من قبيل «من شابه أباه فما ظلم»، فحينا يكون الابن نسخة مطابقة لأبيه، وأخرى أقل شبها منه، وثالثة أفضل ومتكاملة جمالا وإتقانا، بعدما صقلتها خبرات الأب، وزانتها حيوية الشباب وتوهجه، فتأتي استثنائية متفردة، وهذه الصورة ليست حصرا على الرياضة فقط، والعالم مليء بالنماذج الكثيرة موثقا تتبع الابن لخطى أبيه، بل يتعداه الأمر إلى العائلات، حيث عرفت الكثير من المجتمعات سابقا وحاضرا، بأنها أسرة رياضية، وأخرى قانونية، وثالثة اقتصادية.. إلخ. والقارة الأوروبية ليست استثناء من هذه الحالة الاجتماعية الرياضية، وفي «يورو 2020» رصدت «الأنباء» العديد من أولئك اللاعبين الذين ساروا على خطى آبائهم في ملاعب الكرة، ليقدموا نسخة جديدة ومطورة لذلك الأب الذي كان حاضرا بصورة أو بأخرى في ميادين معشوقة الجماهير.
شمايكل وتورام.. الإرث الثقيل
يحتفظ الكثير من عشاق النادي الانجليزي مانشستر يونايتد بذكريات ملؤها الفخر والفرح، وتحفظ عن ظهر قلب اسم بيتر شمايكل الذي حرس عرين «الشياطين الحمر» لسنوات طويلة، كان خلالها أحد النجوم الكبيرة التي سطعت في سماء «أولد ترافورد»، وأحرزت الألقاب واحدا تلو الآخر، وسجل حضورا كبيرا مع منتخب الدنمارك، وعلى الجهة الأخرى من بحر المانش تحتفظ جماهير فرنسا بعلاقة استثنائية مع نجم دفاع يوفنتوس الإيطالي وبرشلونة الإسباني السابق ليليان تورام، الذي حفر اسمه بأحرف من نور في تاريخ «الديوك» الذهبي، إثر فوزه بكأس العالم 1998، وكأس الأمم الأوروبية 2000، وبعبق الأمس، وحيوية اليوم، يواصل كاسبر شمايكل وماركوس تورام حمل الإرث الثقيل لوالديهما بيتر وليليان.
لوكاكو.. من الكونغو إلى بلجيكا
روجر لوكاكو (مواليد 1967) أحد لاعبي خط الوسط لمنتخب الكونغو، الذي شارك في بطولتين لكأس الأمم الأفريقية 1994 و1996، لم يسجل نجاحا كبيرا مع منتخب بلاده، ولا الأندية التي لعب في صفوفها محترفا سواء في اوستيده وجنتشلربيليغي التركيين، وبيرسخوت البلجيكي، أهدى كرة القدم البلجيكية أحد أفضل نجومها «النفاذة» روميلو (مواليد 1993)، والذي بدأ ممارسة الكرة في السادسة من عمره مع نادي روبيل البلجيكي عام 1999، ليحجز بعدها مكانا له مع منتخب «الشياطين الحمر» في مراحله السنية تحت 15 و18 و21 سنة، ومع المنتخب الأول منذ عام 2009 وحتى يومنا هذا، ليكون نسخة مطورة عن والده روجر.
الكانتارا.. سحر البرازيل وعنفوان إسبانيا
يعد تياغو الكنتارا من أسرة رياضية، فهو ابن لاعب الوسط البرازيلي لومار دو ناسيمينتو والمعروف بـ«مازينهو»، الفائز بكأس العالم 1994 في أميركا بصحبة روماريو وبيبيتو والقائد دونغا، وشقيقه لاعب وسط باريس سان جيرمان الفرنسي ومنتخب البرازيل رافينيا، ولد تياغو في 11 إبريل 1991 بإيطاليا عندما كان والده يلعب محترفا في صفوف التشي، تنقل لاعبا صغيرا بين أندية إيطالية وبرازيلية وإسبانية، قبل أن تنطلق مسيرته الكروية مع برشلونة الإسباني 2009، لينتقل بعدها إلى بايرن ميونيخ الألماني، ومن ثم إلى ليفربول الإنجليزي، ويحقق الانجازات الكبيرة مع الأندية الثلاثة، لكن يبقى حلم التتويج بكأس العالم خطوة متقدمة حققها الأب مازينهو، فيما لم يصل إليها تياغو بعد.
بوسكيتس.. الحارس والقائد
خاض كارلوس بوسكيتس 248 مباراة حارسا لمرمى برشلونة، النادي الإسباني الذي ترعرع فيه منذ صغره وحتى اعتزاله، سار ابنه سيرجيو على خطاه تماما، لكن الابن فضل وسط الميدان عن «الخشبات الثلاث»، شهد أفضل مراحل النادي الكتالوني وأكثرها إبهارا وإنجازا، توج بالدوري والكأس الإسبانيين مرات ومرات، وفاز مع «البرسا» بدوري الأبطال و«السوبر» الأوروبي، وحقق مع «لاروخا» أكبر انجازاته الكروية على الإطلاق بالفوز بكأس العالم 2010، وكأس الأمم الأوروبية 2012، والمسيرة مستمرة في «يورو 2020» مع شارة قيادة «الماتادور» الفخرية، متفوقا على والده كارلوس بمراحل كروية طويلة.
لارسون.. مهاجم «الكورون» بالوراثة
يعد هنريك إدوارد لارسون أحد ابرز مهاجمي السويد، حيث ساهم بتواجد منتخب «الكورون» (اللون الأصفر باللغة السويدية) في كأس العالم لثلاث مرات، كان أبرزها مساهمته بالحصول على المركز الثالثة في مونديال 1994، مسجلا الهدف الوحيد في شباك بلغاريا في مواجهة تحديد المركزين الثالث والرابع، كما لعب في العديد من الأندية الأوروبية الكبيرة لعل في مقدمتها برشلونة الإسباني ومانشستر يوناتيد الإنجليزي (شهرين) وسيلتيك الأسكتلندي الذي حقق معه أفضل انجازاته، والنادي الأخير كثيرا ما شهد صحبة هنريك الأب لابنه جوردان في بداية المباراة وهما يرتديان معا قميص اللونين الأبيض والأخضر، كبر جوردان وأخذ مكان والده في منتخب السويد تحت 17 و19 سنة، وشغل خط المقدمة في نادي سبارتاك موسكو منذ 2019 وحتى اليوم، ونتنظر الجماهير السويدية رؤية النسخة المطورة من لارسون لعلها تعيد الإنجازات من جديد لـ «الكورون».
يلماز.. المهاجم والحارس
قائد منتخب تركيا ومهاجم نادي ليل الفرنسي بوراك يلماز (35 عاما) سار على درب والده فكرت يلماز، لكنه اختار أن يكون مهاجما للمرمى وليس حارسا لها كأبيه الحارس السابق لنادي أضنة سبور التركي، ويعد بوراك من بين اللاعبين القلائل الذي لعبوا مع الثلاثة الكبار في تركيا، حيث لعب لأندية بشكتاش وفنربخشه وغلطة سراي، وتمكن من الفوز بلقب هداف الدوري موسم 2011/2012 برصيد 33 هدفا مع طرابزون سبور، قبل أن يوقع بعدها بسنوات مع ليل الفرنسي، ليكتب سيرة كروية أفضل بمراحل من والده الذي اتجه للتدريب بعد اعتزاله.