إن الأسرة ومنذ القدم وفي كل مكان تظل أول مؤسسة اجتماعية راسخة الجذور في الحياة الإنسانية، وإن بحثنا عن الينابيع الأولى التي يستمد منها المجتمع عناصره المادية والروحية، وجدنا في طبيعة هذه الينابيع، الأسرة، مهما كبر حجمها أو صغر تحمل صفات المجتمع، تعني العناية بالمجتمع بل بالشعب بأسره.
وثمة سؤال: ما وظائف الأسرة؟!
أليست هي رفد المجتمع بالأبناء الذين تتولى تربيتهم وإعدادهم إعدادا مناسبا للحياة الاجتماعية التي تنتظرهم، بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع على حد سواء.
ويمكننا القول إن الأسرة التي تبدأ أولى خطواتها بالحب والتفاهم، وأهم واجبات الوالدين ان تكون خلافاتهم بمنأى عن الأطفال وتوفير جو عاطفي ملائم لأبنائهم. ولهذا فإن الأسرة مدعوة إلى معالجة مشكلة هي في الوقت نفسه فردية واجتماعية وشخصية وعامة، ونعني بها الوباء الذي أجتاح بكابوسه الرهيب العالم أجمع وهو وباء المخدرات، فهذا الإدمان الموت أرحم منه، والبداية قد تكون في الأسرة بمعاناتها بخلافات أفرادها، وبضائقتها المادية وبالفراغ وبالملل أو بالثروة مع سوء التصرف، وكلها مداخل لمنزلق خطر، البعد عن البيت، الانحراف، والإدمان. والأسرة الواعية الحريصة، تؤمن بأن الوقاية خير من العلاج، وهي تحتاج فقط إلى قبس من الوعي الثقافي والاجتماعي.
فالأسرة المتفاهمة المتعاونة ذات العين الواعية، ترى وتقدر، تمنح الحرية، وتراقب الأبناء والأصدقاء والمواعيد وتحدد المصروف وتنظم أوقات الترويح واللهو المشترك تملأ أوقاتهم بالتعاون مع المؤسسات الاجتماعية والتربوية الأخرى وتتابع خطواتهم الدراسية وتعمل على توعيتهم بمدى الضرر الفتاك الناجم عن الإدمان والنتائج الوخيمة التي يوصل إليها وهذا أول الطرق للابتعاد عنها ناهيك إلى التعاون الوثيق بين الأسرة والمدرسة، كما للمدرسة الدور المهم والمرحلة العامة في حياة الطفل، لكونه (الطفل) يدخل المجتمع من أوسع أبوابه عن طريق المدرسة وذلك لسنه الزمنية وعمره العقلي واصطدامه بالنظام الجديد واختلاطه بأطفال في نفس سنه، ولغيابه عن الأسرة فترة تواجده بالمدرسة.
لذا فإن الأمور السلبية تؤدي إلى انحرافه وخاصة في حال تواجد المدارس في بيئات فقيرة ومزدحمة ومتخلفة ومهملة التي يهم فيها التفكك الاجتماعي وعدم الاستقرار والقيم المتضاربة.
بصفة عامة، من المؤكد ان أساليب الإقبال على المخدرات، وبالتالي تعاطيها، متعددة، فمنها أن الإنسان قد يتعلم ذلك عن طريق أصدقاء السوء أو بسبب التفكك الأسري، أو نتيجة سهولة الحصول عليها ورخص ثمنها.
ثم أليس في وسع الأهل إجراء فحص دوري لحالة أبنائهم الصحية والإشراف على الأدوية التي يجب ان تكون بترخيص من الطبيب مع ملاحظة بوادر التدخين باعتباره المدخل الأول للإدمان؟ هذه الأمور السهلة لا تمتنع عن أي أسرة.
إذا.. من واجب الأسرة الإسراع في معالجة الابن المدمن والتعاون مع المدرسة حرصا على حياة الابن والتبليغ عن أي حالة إدمان لمعالجتها.. وهنا يأتي دور الوالدين والمدرسة.