إذا كنا نختلف فيما بيننا على جواز أو عدم جواز الفرعيات، فلا أظن ان هناك عاقلا سويا ووطنيا يحب وطنه ودينه يختــلف معنا في حرمة الرشوة، نظرا لوجود نصوص دينية تحرم ذلك، كما ان جميع القوانين الوضعية ايضا تحرم هذا الفعل.
ونحن إذ نساند الأخ الفاضل وزير الداخلية في جهوده لتطبيق القانون الذي اختُرق كثيرا طيلة الأعوام الماضية، نقول له إن الرشاوى في الانتخابات أكثر ضررا، وأشد حرمة، من كل الممارسات الخاطئة في الانتخابات، فلابد من بذل جهود كبيرة لمتابعة هؤلاء المجرمين من المرشحين الذين لا يصلون الى المجلس بقيمهم ولا أخلاقهم، ولا مواقفهم، بل بأموالهم، ورشاواهم التي ينفقونها من غير اعتبار لدين أو خلق أو أي قيمة إنسانية، وقد لعن في الرشوة ثلاثة، هم الراشي والمرتشي والرائش، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش» رواه أحمد.
واللعنة هي الطرد من رحمة الله تعالى، كما ان الرشوة من أنواع السحت المحرم في القرآن، لأنه مال يؤخذ بغير حق، ويعطى بغير حق، ويبنى عليه ظلم آخرين، فقد شنع الله في القرآن الكريم على اليهود لأكلهم السحت إذ قال: (سماعون للكذب أكالون للسحت)، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنه «كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به».
ألا ينتبه القائمون لمثل هذه الجريمة الى هذه العواقب، فيتوبون الى الله من هذا الجرم الكبير؟
والرشوة كما يعرفها بعض العلماء: «ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل» سواء كانت هذه العطية عينية أو مادية.
وسبب التعنيف الشرعي لهذه الجريمة هو ما يترتب عليها من أضرار اجتماعية كبرى:
أولا: أخذ شيء بغير وجه حق أو بوسيلة غير قانونية أو شرعية.
ثانيا: يرتب ذلك ظلما على الآخرين.
ثالثا: وصول من لا يستحق من غير الأمناء الى المناصب الحكومية والخاصة.
رابعا: انها من وسائل الظلم التي تعين الظالم على ظلمه.
خامسا: ان في الرشوة إخلالا بمبدأ العدالة والمساواة.
سادسا: ان في الرشوة فسادا إداريا يضر بعجلة التنمية.
اننا نادي كل شريف، وكل وطني، وكل من مازال فيه شيء من الإحساس الإنساني، الى نبذ الرشوة ومحاربتها بكل ما يملك من أدوات قانونية، لفضح هؤلاء المجرمين الذين يشوهون سمعة ديموقراطيتنا ونقاءها، كما يعطون صورة سيئة عن مجتمعنا الكويتي.
[email protected]