يغلب على العمالة الهامشية قبل جائحة كورونا أنها تعمل باليومية ودخولها منخفضة، بالتالي هي بالضرورة «متقشفة الصرف» ومع ارتفاع كلفة الإيجارات في الكويت وعدم استيعاب بنى مناطق العزاب السكنية لأعداد العمالة المكتظة، يكاد يستحيل ان يجد العامل سكنا معقولا، وفي حال وجد فإنه لن يستطيع تغطية تكلفة ايجار هذا المسكن المعقول وغير المزدحم، لذلك يضطر للجوء إلى «غرف عمالية مكتظة» يتشارك بدفع إيجارها مع ثلاثة أو أربعة أشخاص، تتوزع كلفتها الإيجارية بينهم فيتمكنون من النوم تحت «سقف إنشائي» بقيمة تستوعبها دخولهم المنخفضة.
جدير بالذكر أن عدد العمالة الهامشية في الكويت هو 1.8 مليون عامل، وعدد العمالة المخالفة 166 ألف عامل أي ان إجمالي عدد العمالة التي تنضوي داخل مساكن عمالية مكتظة ومنخفضة التكلفة ولا ينطبق عليها اشتراطات التباعد الاجتماعي هو (٢ مليون) عامل تقريبا، ولأن مناطق العزاب لا تحتوي على ٢ مليون مهجع متباعد اجتماعيا ومناسب وقائيا، ولأنه لوجستيا وإجرائيا غير ممكن ترحيل مليوني عامل خلال أقل من ٦ شهور وذلك على افتراض رغبتهم جمعيا في العودة لأوطانهم وقبول دولهم بأن تستقبلهم، ولأن الفيروس لن ينتظر عدة شهور ليتفشى بينهم، ولأن الظرف الصحي يتطلب بشكل فوري تطبيق نظام التباعد الاجتماعي منعا لاستمرار التفشي بينهم وهم في عهدتنا، ولأنه من غير المعقول أن نطلب من العمالة الالتزام بنظام الحظر المؤقت، والحظر المناطقي، ونظام التباعد الاجتماعي، والالتزام بالأدوات الوقائية، وهم لا يمتلكون بيئة مناسبة للتطبيق ولا عناصر مساعدة وبدائل معقولة تمكنهم من الالتزام بالأنظمة الوقائية المفروضة، لذلك أحث حكومة سمو الشيخ صباح الخالد على مجموعة إجراءات ضرورية ومهم تطبيقها بشكل فوري، حتى نتمكن من عبور الأزمة بإذن الله دون انهيار نظامنا الصحي أو انكشاف مخزوننا الغذائي:
١- توفير مهاجع بديلة تلجأ إليها العمالة الهامشية كمهاجع وقائية تجنبهم الضغط على مساكنهم المزدحمة وغير المتطابقة مع الاشتراطات الوقائية، وأعرض إليكم هنا بعض الأفكار بهذا الصدد:
أ - عدد الفصول والغرف غير المستخدمة حتى شهر ٨ القادم في المدارس هو ٣٠ ألف غرفة بإمكانها استيعاب «١٠٠ ألف مهجع وقائي».
ب - عدد الفصول والمختبرات والاستراحات والمسارح وغرف الخدمات في كل مواقع جامعة الكويت الخمسة بالإضافة الى الشدادية وغيرها يصل إلى ١٥ ألف غرفة بإمكانها استيعاب «٥٠ ألف مهجع وقائي».
ج - عدد المساجد في دولة الكويت (١٧٠٠ مسجد) وهو عدد يستوعب ٥٠ ألف «مهجع وقائي» بناء على تقدير مساحات المساجد الممكن تحويلها الى مهاجع منفصلة وملائمة وقائيا، كما يمكن رقابتها وتزويدها غذائيا.
د - تستوعب البنى التحتية لمساكن العمالة العزاب ٥٠٠ ألف عامل تقريبا في حال طبقنا بينهم نظام التباعد الاجتماعي وفقا للمتطلب الوقائي الصحيح.
ذ - تحويل ثلثي القسائم الصناعية والحرفية غير العاملة إلى مهاجع وقائية، وبناء على مساحاتها الإنشائية فإن طاقتها الاستيعابية التقديرية هي «٣٠٠ ألف مهجع وقائي».
ي - تجهيز «مخيمات لاجئين متكاملة» في شوارع وساحات المناطق العمالية والصناعية والحرفية وفي ساحات المدارس والجامعات وفي أطراف المدن لتغطي عدد المهاجع الوقائية التي توازن وقائيا بقية اعداد العمالة الهامشية.
2 - تشكيل تحالف من مجموعة شركات طيران وتقديم خدمات نقلها الجوي بشكل مجاني للوافدين الراغبين في العودة إلى دولهم أو أي دولة أخرى تستقبلهم يرغبون في الذهاب إليها.
3 - تأسيس «غرفة عمليات» مختصة بالإمدادات التموينية للعمالة الوافدة الملتزمة بالمهاجع الوقائية والمسجلة رسميا، وتزويدها بمواد غذائية شهرية بقيمة ٣٠ مليون دينار، لتغطية الحد الادنى الضروري لإعاشة مليوني عامل محظور وعاطل عن العمل ولا يمتلك طعام يومه.
4 - تتولى مؤسسة الكويت إنشاء مستشفيات ميدانية خاصة بالعمالة المسجلة على نظام الشؤون، مع التكفل بنصف تكاليف التموين الغذائي للعمالة العاطلة.
5 - عقد اتفاقات توريد غذائي عادلة مع الهند ومصر بصفتهما دول أكبر جاليتين في الكويت، وذلك بصيغة: نشترط توريد مواد غذائية بسعر عادل يكفي ضعفي جاليتهما لدينا مقابل بقاء واحتضان أبناء الجالية في بلدهم الثاني الكويت، وتأتي أهمية هذه «الاتفاقات التوريدية» في كون الكويت ليست دولة منتجة غذائيا، ومخازنها قد تختل في حال عدم استمرار تدفق التوريد مستقبلا، ومع اتفاقات كهذه سنضمن روافد استراتيجية لن تشكل معها العمالة عبئا غذائيا يضغط على المخزون الغذائي العام.
6 - اشتراط توريد أجهزة تنفس صناعي وكوادر طبية مساندة، ترسلها كل دولة بحسب عدد إصابات جاليتها في الكويت، حتى لا تضغط إصابات جاليتها على النظام الصحي الكويتي فينهار ويعم الضرر جميع فئات المجتمع بمن في ذلك أبناء جالية الدولة ذات الصلة.
Twitter: @akalghanim11