بعد الاطلاع على الظروف الموضوعية وأبعاد نظام «الحظر الكلي»، فإني اعتقد ان تطبيق الحظر الكلي غير ممكن في الأوضاع الحالية، وسيكون ضرره اكبر من نفعه ما دامت الدولة عاجزة عن توفير مهاجع وقائية بديلة للعمالة، وامدادات غذائية تضمن عدم هلاكهم بعد انقطاعهم عن العمل بسبب قرار الحظر.
وحيث ان ترحيل مليوني عامل هامشي وغير نظامي يعمل باليومية، امر مستحيل خلال فترة ازمة كورونا، ومع عدم امتلاك الدولة لنظام معلومات مدنية دقيق يغطي جميع بيانات الوافدين الصحيحة، ومع ركاكة قدرتنا اللوجستية وعجزها عن استيعاب امداد هذه العمالة المنقطعة عن العمل بالطعام المجاني، فإن تطبيق نظام الحظر الكلي وفقا لهذه الظروف والإمكانات الحالية سيكون بمنزلة حماية لـ 100 او 200 شخص من الوفاة مقابل تجويع مليوني إنسان وتعريض عشرات الألوف منهم للموت بسبب الجوع، وهو أمر غير جائز منطقا وأخلاقا وشرعا وفق مفهوم اقل الضررين، لأننا سنحمي حياة عشرات الأشخاص من الموت المحتمل بسبب المرض، مقابل موت مرجح لآلاف الأشخاص الآخرين بسبب الجوع.
ليست مثالية، ولكن اخشى ان نكون كالمرأة التي دخلت جهنم بسبب حبسها لـ«هرة»، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، هذا وهي «هرة»، فما بالكم بـ «بشر»؟ طبقنا عليهم حظرا مناطقيا او كليا فحبسهم عن العمل، سواء كانوا وافدين او غير ذلك، ولم نزودهم بعد حبسهم بطعام يومهم، الذي يضمن لهم على الاقل «عدم هلاكهم» بالتأكيد سيكون عندها ذنبنا اكبر، وجرمنا أعظم.
ومن هذا المنطلق أدعو الى وجوب توفير «تموين مجاني» لكل وافد محظور مناطقيا، حتى يتم ارجاعه لبلده.
وأدعــو الــى ان عــدم توفير هذا التموين المجاني من قبــل الحــكومة الآن، مـع فرضها لحظر مناطقي يمنع هؤلاء الوافدين من العمل و«الاقتيات».
ومع تعذر عودتهم لبلادهم، ليس برغبتهم وإنما بسبب الظروف القاهرة التي حالت بينهم وبين رجوعهم، فإن الحكومة تكون قد تسببت بتجويعهم، ومن يموت من المحظورين بسبب الجوع، تتحمل الحكومة ذنب موته بالتسبب.
ومن يقول منا: على كل حكومة رعاية وافديها ولسنا مسؤولين عنهم، فأقول لهم: ما دمنا سمحنا بوجودهم على اراضينا، فنحن مكلفون بضمان «عدم هلاكهم» حتى تسمح الظروف بإعادتهم لأوطانهم، لأنهم في عهدتنا.
وختاما، استطيع ان اقول بكل أريحية أن وزارة الداخلية بشكل خاص والحكومة بشكل عام لم تنجح باستيعاب واحتواء أبعاد وتداعيات الازمة التي نمر بها، في ملف «الوافدين» حتى الآن، ومطلوب منها برنامج متكامل يغطي الحاجة الضرورية للعناصر الثلاثة المترتبة على الحظر في ملف الوافدين:
1 ـ اللوجستي: «التوصيل» و«الترحيل».
2 ـ الغذائي: «تموين المحظورين».
3 ـ الوقائي: «مهاجع وقائية».
akalghanim11@