اثنان وثلاثون عاما مضت على ذكرى الاحتلال العراقي الغاشم لكويتنا الغالية، سنوات مرت ومازالت ذكريات الغزو راسخة في عقولنا متجذرة في قلوبنا، حيث كنا أطفالا صغارا ولم نكن ندرك ما يحدث حولنا، غير أن دور آبائنا وأمهاتنا ومعلمينا ومعلماتنا كان كبيرا جدا فيغرس معاني الولاء والانتماء لهذا الوطن وتأكيد معاني التضحية في نفوسنا من خلال استحضار سير الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم ونفوسهم فداء للكويت ودفاعا عن ترابها الطاهر، وكذلك بطولات أبناء وبنات الكويت من المقاومين الذين واجهوا المخاطر والتحديات الجسام في جميع المجالات سواء في العمل العسكري أو استمرارهم بالعمل في مجالاتهم خدمة لأبناء الكويت، وتأكيدا لمقدرتهم وحقهم في إدارة شؤون الجهات التي يعملون فيها، وأيضا التحاقهم بمجالات العمل التطوعي الكثيرة وبشكل ذاتي، كما أبرزوا قدرتهم على تنظيم أنفسهم وتنسيق العمل فيما بينهم لخدمة الثابتين من المواطنين الذين لم يغادروا الكويت وثبتوا خلف قيادتهم الشرعية، والذين ضربوا أروع الأمثلة في التعاون والثبات.
نعم أكثر من ثلاثة عقود مرت على هذه المأساة التي حلت بالكويت يوم الثاني من أغسطس عام 1990م، بسبب غدر جار الشمال وعنجهية النظام العراقي البائد وقيادته ممثلة بصدام حسين وزبانيته، لكن هذه المأساة تحولت إلى محفز على العطاء والثبات فكان التحرير وهزيمة العدو الغادر، بفضل حكمة قيادة الكويت وولاء شعبها وحبهم لترابها، وبفضل الله تعالى ووقوف دول العالم الحر والدول العربية الشقيقة والصديقة إلى جانب الحق الكويتي، وكم كانت فرحتنا مع انطلاق «عاصفة الصحراء» واجتماع المدافعين عن الحق وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية ومصر وسورية ودول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لدك صفوف الغزاة وتدمير قوتهم المزعومة ورفع راية الحق، والإجماع الدولي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن على تحرير الكويت ورفض الاحتلال العراقي للكويت، وكان ذلك رسالة قوية على قوة الديبلوماسية الكويتية وما زرعه الكويتيون من خير وعلاقات جيدة مع جميع دول العالم بقاراته المختلفة.
نعم كنا أطفالا، تعلمنا عن الغزو، واليوم علينا جميعا أن نرسخ معاني المواطنة في قلوب وعقول أبنائنا، وعلى الجهات المعنية خصوصا وزارات الإعلام والتربية والتعليم العالي والأوقاف والدفاع والداخلية ومكتب الشهيد وغيرها القيام بواجباتها التوعوية والتثقيفية، من خلال بذل الجهود وعرض كل ما يتعلق بالاحتلال العراقي للكويت حتى التحرير، وبيان مواقف دول وشعوب العالم من ذلك، كما على الأهل توعية أبنائهم وشرح معاني حب الوطن لهم بأساليب بسيطة وتقديم القصص المناسبة لهم، فالكثيرون من أبنائنا وجيل الشباب الحالي لم يعيشوا تجربة الاحتلال وما عاناه أهل الكويت، ولايعرفون الكثير عن ذلك، وعلينا تعليمهم وشرح كل ما يمكن لهم بصورة توعوية مدروسة ليحافظوا على الكويت ويقوموا بواجباتهم تجاهها، وتأكيد معاني حبها بالعمل والعطاء والبذل بشكل إيجابي ومشهود ومن الجميع، فالوطن لنا جميعا وعلينا الحفاظ عليه وأن نعطيه لأنه سابق في عطائه لأجدادنا وآبائنا، ونقول لأبنائنا المستقبل لكم والوطن يبنى بسواعدكم في كل زمان ومكان، فحب الوطن ثبات وعطاء.
twitter: ab_alelyan