بعد نجاح فيلم «الجوكر» الذي قدم رمز الشر على أنه مظلوم حولته الظروف إلى شرير بسبب المجتمع والظروف القاهرة، بذات الفكرة ذهبت ديزني لتقدم سلسلة من الأفلام للأطفال والكبار تظهر لنا الشخصيات الشريرة والتي تعودنا رؤيتها بالشر، بأنهم أشخاص قادهم المجتمع لهذا الاتجاه وأن الشر ليس في أنفسهم بل هم ضحايا!
حتى ترسخ فكرة تبرير الشر، وأن نلتمس العذر للقاتل والشرير فهو مظلوم والحياة والظروف هما من قادا هذا الإنسان - البريء الطيب - لأفعال القتل والسرقة والبطش، وهذا ما كان في فيلم «كرويلا» تلك المرأة الشريرة التي تقود حملة جشعة للقضاء على الكلاب المنقطة، وذلك للتبختر بجلدهم النادر الجميل، أنها ضحية وحقيقتها الطيبة والبراءة.
والآن تعود لنا شخصية «أوسكار» الشريرة في فيلم «لاين كنج» لتدور قصة طويلة نكتشف في نهايتها أن الشرير «أوسكار» كان شجاعا بل هو الذي أنقذ «موفاسا»، وكذلك الظروف والخيانات هي من جعلته شريرا.
لا يعنيني كثيرا تلك الأحداث من أفلام ديزني، بقدر ما تعنيني الفلسفة الحديثة التي ينتهجها الفكر الغربي المسيطر على الإعلام في الغرب، الذي يسعى لتغير صورة ذهنية ترسخت لأعوام لشخصيات شريرة، أنها طيبة في حقيقتها، والأحداث والظروف هما السبب في هذا الشر، لتترسخ لدى الأطفال بشكل خاص، والكبار أيضا تلمس العذر لكل فعل شر أو سوء في الحياة.
لكن هل هذه الفكرة صحية للبشرية؟ وكيف سيكون المجتمع لو تلمس لكل شرير عذرا، ولكل فعل سيئ سببا؟
إن ما دفع شركات الإنتاج لاستخدام هذا الأمر هو الفقر في الأفكار لإنتاج أعمال جديدة ناجحة، لذلك يحاولون الاعتماد على أعمال حققت نجاحا كبيرا وإعادة استثمارها بشتى الطرق، وخلق قصص فرعية متنوعة من الفكرة الرئيسية، حتى وصلنا لتبـرير الشر اليوم، الذي هو سلاح فتاك لو تقبلــه المجتمع، فكل طفل أو شــاب يقع في ظروف صعبة أو يمــر بمواقف عصيبة سيتجه للشر طبعا، فالصورة الذهنية للشر باتــت عنده مبررة، فمن الطبيعي كل مــن شاهد تلك الأفلام تعاطف مع أبطالــها أشرار الماضي، المظلومون في الحاضر، لذلك هذا التوجه ربما يغير العديد من المفاهيم عند الكثير، فتأثير الاعلام الغربي لا يخفى على ذي عقل، فمن فكرة الرجل الأبيض المميز إلى فكرة الجندي الأميركي الذي لا يهزم، مرورا بالشذوذ ومرتعه، إلى الشر المبرر اليوم.
مــن المهم اليوم توضيح هذا الأمر، وبيان ما يحدث في فكر صناع المحتوى الغربي، وإلى أين تتجه بوصلتهم، ليس فقط للحذر منها، بل لفهمها حتى لا يقع الجيل ضحية لأفكارها السامة، ويتبع كالقطيع توجهاتها التي لن تعود بالخير أبدا.