أيام معدودات ويطل علينا عام 2022 حاملا معه الكثير من التحديات التي فرضت، والتطلعات والأحلام المنشودة، ولعل أبرز ما يتطلع إليه أبناء الكويت والمقيمون على أرضها أن يعيشوا بأمان واطمئنان وأن يلهم الله المسؤولين تقديم الخدمات بصورة أفضل معتمدين على التقانة الحديثة والانتقال إلى الرقمنة الإلكترونية وإنهاء عصر المعاملات الورقية والانتظار في طوابير الهوان.
هذه المطالب والتطلعات ليست أمنيات لا تتحقق، فالأزمة الكورونية عرت الكثير من المنافحين عن البقاء على ما نحن عليه من تخلف عن الدول المتقدمة، فدفعت الدولة بجميع مؤسساتها إلى الاستعانة بكل وسائل الحداثة من تقنيات ومعاملات رقمية وباركود استطاعت تخفيف التبعات الكارثية لوباء كورونا ونظم عمليات استقبال المراجعين ومنع تكدسهم وقلل من الزحام المروري والانتظار في الطوابير.
الباركود الذي كان عنوانا عريضا من عناوين الثورة التكنولوجية والذي انطلق منذ العام 1952 عبر براءة اختراع حصل عليها كل من جوزيف وودلاند وبيرنارد سيلفر من خلال مجموعة من الأعمدة البيضاء والسوداء التي ترمز عبر الشفرات الطولية إلى سلعة ما كوسيلة ترقيم بسيطة وغير مكلفة تسهل عملية استرجاع بيانات المنتج لحظيا، وتتم قراءة هذه المعلومات عبر جهاز قارئ بطريقة دقيقة وسريعة.
تطور هذا الاختراع في اليابان وتحديدا في العام 2005 فكسر الجمود وتم توظيف تفاصيل صغيرة وتصاميم تستثمر كأيقونة تتحول إلى علامة تقرأ بيانات المنتجات ثم تطور الأمر عبر الكيو آر، وتم الاستفادة من هذه التقنية في الكثير من المجالات.
لن أتحدث عمن يتحمل المسؤولية في استمرار الوضع على ما هو عليه، ولا عمن أعاد الأمور إلى سابق عهدها بعد عودة الحياة إلى طبيعتها، فالأمور وإن تحسنت اجتماعيا لكنها ساءت في الكثير من النواحي، فالازدحام عاد إلى سابق عهده، والمعاملات عادت في كثير من الجهات إلى الأوراق واختفى مفهوم التباعد وكأن كورونا لم يكن، فهل نحن بحاجة إلى كوارث كونية حتى ننتقل إلى التحضر؟!
لا أفهم لماذا هذا الجحود والرغبة في العيش في القرن قبل الماضي، فالدول المتحضرة يتم إنجاز معاملات مواطنيها من المنزل عبر التطبيقات الذكية، ونحن قادرون على ذلك بسهولة ولكن الظاهر أن هناك من لا يروق له هذه الحالة من التطور والعيش الهانئ للمواطنين والمقيمين ويرغبون ـ للأسف الشديد ـ في رؤية المراجعين يتذللون لهم لإنجاز المعاملة ويتواصلون مع الواسطات لتمريرها بأسرع وقت مع تقبيل الخشوم.
ما أعرفه أننا وإن كنا دولة نفطية إلا أننا ما زلنا نعيش بعقلية متجمدة بعيدة عن التطور، لا نريد أن نتقبل أننا في العام 2022 لا نريد تغيير الأمزجة التي تصر على عصر الإبقاء على المعاملات الورقية وإحضار المراجعين إليهم لتقبيل خشومهم وترجيهم، لا نريد تدريب موظفينا على التقنيات الحديثة، ولا تعريفهم بأحدث طرق المعاملات الرقمية.
الظاهر أنه يؤلمنا رؤية الشوارع وقد قل الازدحام المروري فيها، ويزعجنا تقليل العناء عن كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والموظفين في الحضور والانتظار وتضييع الأوقات، ويقض مضاجعنا رؤية الكويت دولة رقمية بإمكانك الحصول على ما تريد من خلال جهازك المحمول.
هذه المطالب والتطلعات ليست مستحيلة وقد تحققت وعشنا في جانب منها، وكانت الأمور تسير على ما يرام، ولذلك نطالب بالتحول الفوري وفرض الحداثة على التعاملات الورقية والمعاملات، وتكريم المواطن والمقيم واللحاق بركب التطور والجلوس في مقدمة القطار لا في آخره.
* نائب البرلمان الدولي للتنمية البشرية
[email protected]