يبدو أن وزارة التربية منذ سنوات وحتى الآن لاتزال في مرحلة البحث عن حلول نهائية للمشاكل التي تعاني منها الكثير من المدارس في البلاد، فهناك 985 مدرسة حكومية منتشرة في المحافظات الست، تقوم باستقبال 439365 طالبا وطالبة، وهذا الحجم الهائل يستدعي خطة ممنهجة يضعها خبراء متخصصون في الوزارة لمنع وقوع مسؤولي الوزارة تحت عدسة النقد وعين المساءلة.
أصبحنا مع بداية كل فصل دراسي نسمع من مسؤولي وزارة التربية تبريرات مختلفة لما تعانيه المدارس من خلل في التكييف وانعدامه أحيانا بسبب فقد الصيانة في بلد يصنف عالميا بالحار جدا، ولا يمكن جعل العملية التعليمية سلسة للطالب والمعلم في أجواء مشابهة، إضافة إلى عدم الاستعداد لموسم الأمطار، وأخيرا غياب مظاهر النظافة عن مدارسنا بحجة العمالة.
ما يجري غير مقبول في دولة مثل الكويت، وفي وزارة شعارها العلم والتربية، وتعلم أبناءنا منذ نعومة اظفارهم النظافة والترتيب، ربما توجد ضغوط هائلة على الوزارة أو نقص في الميزانية، ولكن كل هذا لا يشفع لمسؤوليها في عدم خدمة هذا القطاع بالشكل الأمثل.
الأولوية للبيئة الصالحة للتعليم، الأولوية لصيانة المدارس والتكييف، هذا ما أكده مسؤولو التربية من وضع خطط استراتيجية عملت على المتابعة تربويا وتعليميا وإداريا وفنيا وفق مجموعة من المحاور بهدف ضمان سیر العملية التربوية بانتظام.
كلام جميل ورنان، ولكن الواقع غير ذلك، فهناك فصول دراسية ومكيفات متوقفة عن العمل، وأمطار تتساقط من الأسطح تتسبب بخريرها نحو الأسفل، وباحات وفصول متسخة اضطرت مديرين ومديرات ومدرسين ومدرسات - في مشاهد مؤلمة وصادمة في مجتمعنا - إلى القيام شخصيا بعمليات التنظيف، ونحن في هذا المقام نرفع القبعات لهؤلاء الجنود الشرفاء الذين يدركون تماما أهمية ما يفعلون، ولكن هذا ليس من مهامهم أو واجباتهم، وإنما هو من صميم عمل الوزارة.
معالي الوزير.. لا أحد ينكر جهودكم الكبيرة في السعي لتوفير بيئة مثالية للتعليم، ولكن - يا معالي وزير التربية - العيون تتجه نحو وزارتكم، والناس بدأوا يفقدون الثقة بالجهات الحكومية بسبب الخلل المتكرر سنويا في معالجة هذه المشكلات التي أخذت تتفاقم وتزداد، وهذا يشير إلى غياب الأجندة وبرنامج العمل الواضح، ثم إن كانت هناك مشكلة في الميزانية فالواجب تبرئة الذمة، ومكاشفة الشعب بهذا، ومطالبة الحكومة بالدعم العاجل، وتوفير ميزانية إضافية لهذا الأمر الطارئ.
الحقيقة المؤلمة أنه لا توجد عمالة تنظيف في المدارس كافية لحل المشكلة، والمكيفات تتعطل، والخرير لايزال موجودا، وهذا يستدعي إجراءات جادة وعاجلة للتعاقد مع شركات للصيانة وأخرى لتركيب العوازل، وتشكيل فرق تدخل سريع في المدارس، واستنفار الفرق الهندسية لمتابعة شبكات المدارس، وتنظيف مناهيل المدارس المحاطة بأشجار الكونوكاربس، والتأكد من انسيابية المياه في شبكاتها.
نحن بحاجة إلى خطة مقدمة من الوزارة كفيلة بإغلاق الملف لا إلى خطة طوارئ شبيهة بالتي قامت بها بلدية الكويت سابقا، حيث قامت شركات التنظيف لديها بتنظيف المدارس لحل مشكلة العقود في وزارة التربية، ولا إلى استجداء الجمعيات التعاونية لتقوم بعمليات الصيانة على حساب مساهميها.
لم يبق على نهاية العام إلا ما يقارب الشهرين، ووجود نية لدى الوزارة لدمج المجموعتين مع بعضهما البعض بعد إعلانها عجزها عن تنظيف المدارس والفصول بالإضافة الى عدم تشغيل التكييف في عدد من الفصول ونقص المياه الباردة، هو في حد ذاته فشل في حل المشكلة، ويحمل مسؤولي التربية مسؤولية تبعات القرار، ويدفعنا للتأكيد على أهمية المسارعة لوضع خطة إستراتيجية لمدة 3 سنوات وتوقيع عقود عاجلة مهما كلف ذلك من ثمن.
أخيرا.. أنقذوا العملية التعليمية قبل أن نفقد أهم شيء في نهضة أمتنا ومستقبل أجيالنا.