تشهد الكويت اليوم تحولا ملحوظا نحو تعزيز قطاعها السياحي، مدفوعة برؤية اقتصادية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل واستثمار إمكاناتها الطبيعية والبشرية. المسودة الجديدة لقانون السياحة، التي كشفت عنها وسائل إعلام نهاية الأسبوع الماضي، تعكس توجها جادا لجعل الكويت لاعبا رئيسيا في السياحة الخليجية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي وجزرها البكر وشواطئها الممتدة، إلى جانب مشاريع تنموية كبيرة قيد التنفيذ.
وفي العقود الأخيرة، استطاعت دول خليجية تحقيق نجاحات بارزة في المجال السياحي. فالإمارات، وعلى رأسها دبي، تحولت من مركز تجاري إلى وجهة سياحية عالمية بفضل استثماراتها في البنية التحتية، وتسهيل التأشيرات، وتنظيم المعارض والمؤتمرات الكبرى. أبوظبي بدورها عززت مكانتها في سياحة الفعاليات، بينما استطاعت السعودية استقطاب 30 مليون سائح في 2024، وتسعى إلى رفع الرقم إلى 70 مليونا بحلول 2030 ضمن مستهدفات رؤيتها الاقتصادية. أما قطر فقد استفادت من نجاح استضافة كأس العالم 2022 لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، بينما شقت البحرين وعمان طريقهما في هذا السباق عبر مشاريع سياحية نوعية.
وفي ظل هذا التنافس، تبدو الكويت اليوم أكثر استعدادا لدخول القطاع السياحي بقوة، فمشاريع مثل ميناء مبارك الكبير وخطط تطوير الجزر وغير ذلك من مبادرات تنموية، تعكس في مجملها إرادة حقيقية في بناء بيئة سياحية متكاملة.
إن نجاح الكويت في تنظيم كأس الخليج الأخير كان مثالا واضحا على قدرتها على استضافة الفعاليات الكبرى، ما يعزز فرصها في التوسع بهذا المجال مستقبلا.
مــع ذلك، فإن تحقيق نهضة سياحية يتطلب خطوات عملية واضحة، تبدأ بتسهيل إجراءات التأشيرات السياحية، وتحفيز الاستثمارات في الفنادق والمرافق الترفيهية، بالإضافة إلى تطوير بنية تحتية فعالة تشمل: وسائل النقل، المراكز التجارية، والخدمات التكنولوجية الحديثة. كما أن السياحة لا تقتصر على المنتجعات والشواطئ، بل تشمل أيضا تنظيم المؤتمرات والفعاليات الثقافية والفنية والرياضية التي تخلق جميعها فرصا اقتصادية مستدامة.
الكويت تمتلك جميع المقومات للنجاح في هذا المجال، وما تحتاجه اليوم هو التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الاحترافي. وإذا ما تم استثمار هذه الفرصة بحنكة، فقد تتحول المعادلة لدينا خلال السنوات المقبلة إلى إيجاد وجهة سياحية قادرة على المنافسة، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل، وترسيخ مكانة الدولة في المشهد السياحي الإقليمي والدولي.
[email protected]