لم أكن أتربص بإعلانات ألبوماته، لم أتابع لقاءاته الصحافية لأعرف جديده، لم أتحين اقترابي من تسجيلات النظائر وأمد يدي بالمال مقابل شريط الكاسيت. لماذا أفعل ذلك مع عبدالكريم عبدالقادر وصوته يسبح في الهواء في كل وقت؟!
منذ الصباح في الفسحة بين الحصص يصدح من سماعات إذاعة المدرسة، في مشاوير السيارة أثناء تقليب المحطات، في المناسبات الوطنية وافتتاح البطولات، في الأعياد، في كل شطر من الوقت من الصباح وحتى المساء كان صوته يسبح في الهواء.
لذلك لم ألق بالا حينها.. لاحقا بعد انتهاء الاحتلال وبعد أغنية وطن النهار، التي باتت في نفسي نشيدا وطنيا جديدا، اكتسب عبدالكريم عبدالقادر معنى بات يكبر مع الوقت. صار صوته مرافقا لكل مكان أقصده، إن اقتربت من أحد المشروعات السياحية، انبثق صوته من الذاكرة، لا من تسجيل، كذلك عند مروري بأبراج الكويت، عند بوابات السور، في الطائرة الكويتية عند اقتراب هبوطها على المدرج، قرب الملاعب الرياضية، هل أكمل وأسرد كل الأماكن المرتبطة بصوته؟ تعرفونها أكثر مني.
لذلك هو يوم حزين، عندما يسقط شطر من ذاكرة الوطن أخاف، هل أخاف أن يصاب الوطن بالزهايمر؟ ولماذا أخاف من يوم أبيض خال من المعاني، على الأقل يكون يوما أبيض لا قبله ولا بعده ونرتاح من كل منغص. وداعا يا من منحتني ومنحت أجيال الخليج الذكريات.
مازلت أذكر سائق الأوبر في جدة عندما عرف موطني من اللهجة فسألني: طمني عن عبدالكريم عساه طيب؟ غمغمت بإجابة لكنه انطلق يغني عبدالكريم واستأذن أن يشغل أغنية لمعشوقه.
رحمك الله يا وجها من وجوه الكويت ويا صوت زمانها. كل العزاء لأهلك وللكويت ولمحبيك، كل العزاء لذاكرتنا.