لن تجد من يستمع إليك دائما من دون مقابل، لا بد أن تدفع الثمن، لن تدفعه نقدا لكن ستدفعه بأجرة تستحق الوقت الذي أعطاك إياه ليستمع إليك.
لن تكون الأجرة غالية دائما، بل يكتفي المنصت أحيانا بأن تدفع له مقابلا بسيطا، وهو أن تستمع إليه بدورك، لكن بطريقته هو، استمع له وأنصت، دون أن يشغلك شاغل، في هدوء تام دون مقاطعة، وأهم من هذا كله أن توافقه الرأي.
تؤيد رأيه دون نصح أو تعقيب، حتى وإن تجرأ وتعدى الحدود، حتى وإن أخطأ دعه يكمل لأنه لن يسمح لك، وإن سمح فتأكد أنك خسرت المنصت والراوي.
استمع فقط وإذا لم تستطع موافقته اصمت، وبذلك تكون قد دفعت وسددت حسابك «أجرة السماع» شاملة أجرة التوصيل والضريبة.
لكن في بعض الأحيان يكون الثمن غاليا، أثمن مما تتصور وتتخيل، فأحد هذه الأثمان أن يستمع لك وأنت تنفذ مخططاته التي سلمك ولقنك إياها، ألقاها على أذنك وهو يلبس ثياب الناصح، ثياب المحب، وفي كل جملة تقولها يعيش النصر والنشوة، وتعيش أنت الخذلان والخسارة.
وحين تنفذ مخططاته القذرة تأكد حينها سيتوقف عن سماعك، سيجد الأعذار، سيجد المبررات، لم يسمعك الآن؟ فلقد انتهى دوره وانتصر.
وهناك فئة ترفض الاستماع من البداية، ترفض فضفضتك، ترفض كلماتك ولا تعطيك الفرصة لتنطق وتقول، هل لأنها لا تملك الوقت؟ أم أنها لا تريد ما يزيد من همومها فهي تملك منها ما يكفي. والثمن هنا يكون راحة البال.
لكن الأهم من هذا كله اختر من تتحدث معه بعناية فائقة وإن لم تجد، تحدث مع نفسك وكفى.