سيارة زرقاء داكنة اعتلاها الغبار والانتظار الطويل، أراها منذ زمن طويل فــي نفس موقعها لم تحرك ساكنا، أراهــــا كل يوم ولم تثر فضولي أبدا، حتى ذلك اليوم الذي استدرجتني فيه قطة إلى عتبة باب تلك السيارة.
كانت نظراتي باتجاه قدمي، حيث كانت القطة، حاولت الإمساك بها، لكنها ذهبت وهربت بعيدا كما هو حال الجميع، فالجميع في نهاية الأمر يذهبون فوق هذا الثرى أو أسفله.
حين رفعت رأسي عاليا رأيت تلك الحروف المكتوبة على زجاج تلك المركبة المغبرة، لم أبذل أي جهد لأقرأ ما كتب عليها، عبارة أثارت في داخلي الحزن، فهل كانت العبارة السبب، أم أنا من يريد أن يحزن ويبحث عن أي سبب لذاك.
كتب عليها «I love you mama» قد تكون عبارة كتبت لمجرد التسلية والعبث، لكن السيناريو الذي جال في خاطري هو أن من يملك تلك المركبة امرأة وأولادها من كتب تلك الجملة، وبما أن المركبة واقفة في نفس المكان منذ مدة فيعني هذا أن والدتهم غابت عنهم وهم ينتظرون رجوعها، ويكتبون على أشيائها تلك العبارات لعلها تصل إليها.
بقي ذلك السيناريو في رأسي، وفي كل مرة أدعو الله بأن تعود إليهم «أمهم سالمة»، وأصبح منظر وقوفها يحزنني، فكـــرت في أن أمسح تلك العبارة، أو أقـــوم بغسلها، فحـــين يصبحون لا يجدون الحروف عليها، وفكرت بأن أرد عليــهم وأكــتب لــــهم «I love you too». على الأقل ستشرق شمس الأمل لدى هؤلاء الأطفال.
لكن في نهاية الأمر لم أقم بأي شيء من تلك الأفكار المجنونة، وقررت أن أسأل سكان المنزل المجاور عن تلك المركبة، فإن كانت قصتي في مكانها سأدعو لهم بأن تعود أمهم، وإن كان ظني خاطئا، وهذا ما أرجوه، فلن يبقى ما يثير الحزن في داخلي، وفي نفس الوقت سأدعو أيضا لهم بأن لا يحرم الله طفلا من حنان والدته. قد أكتب لكم في المستقبل بقية لهذه القصة أو...