مراسم أكاديمية راقية اقترنت مؤخرا بحفلات التخرج «المعاصرة» التي أصبحت حديث الناس ما بين مؤيد وعشرات المعارضين، ولا ننكر أن هذه الوصلات الاحتفالية التي تمتد أحيانا إلى الرقص مقتبسة من حفلات تخرج «الأجانب» من مختلف الجامعات والبلدان.
فسرعان ما انتقل الينا هذا «التطور» السريع بعد ان كانت الحفلات ترقى بالمستوى الاكاديمي للجامعة او المدرسة واقترانها بنضوج الطالب، الا ان «التخريجات» الأخيرة اثبتت لنا العكس تماما، حيث اننا شاهدنا حفل تخرج لطلبة «ثانوية» بعقليات أطفال «رياض الأطفال» حيث الرقص والتهريج والدخول بسيارات الالعاب الصغيرة للحفل ونشر ثقافة «القطات» والكلمات غير اللائقة أمام الاهالي والحضور والأساتذة. والمفارقة أن حفلات رياض الأطفال أحيانا أكثر رقيا وأعقل من بعض حفلات المراحل الأخرى.
علاوة على ظهور فقرة «الدراما والتراجيديا» - كما أسميها شخصيا - ضمن مراسم حفل التخرج، حيث «ينكّد» عريف الحفل على الطلبة ويفسد فرحتهم أمام الجمهور بصورة «تراجيدية» لحصد تفاعل جماهيري عبر السوشيال ميديا.
نحن ومع الأسف الشديد ننحدر أخلاقيا وأكاديميا، السماح بمثل هذه التصرفات والسلوكيات أثناء مراسم تقليدية رسمية وأكاديمية يدل على تدني المستوى التعليمي والأكاديمي والأخلاقي كذلك، فلم يكن الهدف من حفلات التخرج هو التهريج أو «الترند» بل الفرحة باجتياز المقررات والمنهج والجاهزية للانتقال الى المرحلة الأكاديمية التالية.
لـــن نعـــتب كثيرا على الطـلبة، فاللـوم يقع على المدارس وعلى المؤسسات التربوية المعنية كذلك، وهي المسؤولة عن تنظيم حفلات تخرج سنوية في المدرسة بشكل «راق» كما كان يحدث في الماضي، فعندما لا يجد الطلبة اهتمام المدرسة او الادارة بحفل تخرجهم - الذي لا يكلف الكثير - يلجأون الى الحفلات «الخاصة» على حسابهم، والتي غالبا ما تنتهي بهذا الشكل المؤسف.
لسنا اعداء للفرح والمرح، لكن استيراد الثقافات يجب ان يكون في اطار اخلاقي كذلك، وهذا دور المؤسسات التربوية في تنظيمها ووضع الضوابط المناسبة لها وضبط السلوك حتى تتوارث هذه القيم التي تغرسها المدرسة في الطالب منذ التنشئة. لا أعلم إن فات الوقت أم مازال هناك متسع لإصلاح ما أفسدته الحفلات؟
بالقلم الأحمر: صارت المدارس تخرّج طلبة بارعين في الرقص أكثر من القراءة!