@AljaziAlsenafi
غزو جديد يجتاح حياتنا، إعلانات غزت هواتفنا ويومنا، في كل مكان «إعلان»، اصبحت حياتنا مقرونة بالإعلانات التي يصعب تجاهلها أو احيانا السيطرة عليها في وسائل التواصل أو لوحات الشوارع التي اصبحت عبارة عن شاشات اعلانية تلازمنا على امتداد الطريق، تحولت أغلب الحسابات إلى تجارة الإعلانات، وتحول أغلب المشاهير والفنانين وغيرهم إلى معلنين، حتى أصحاب المدونات والطباخين اصبح محتواهم تجارة إعلانات، تبدلت حياتنا من نمط اجتماعي وثقافي إلى ما اشبه «بسوق شعبي»، «اشتري اشتري اشتري».
اتخذت الاعلانات التجارية منحنى مغايرا فيما يسمى بعصر ما بعد الحداثة Postmodernism حيث راج في ذلك الوقت وجود المستهلكين الذين يعتمدون على الصور أكثر من الاعلانات التقليدية آنذاك، وكانت هذه بداية انطلاقة مفهوم «غزو الوعي» الذي يجعل المستهلك أداة «مبرمجة» بيد المعلن، وهو «تكنيك» يستخدم لزرع نسيج استهلاكي مجتمعي، أي ان المغزى من وراء هذه الاعلانات هو إعادة تنظيم المجتمع بحيث يصبح الإعلان جزءا متأصلا من يومنا. والهدف من هذا المخطط «غزو الوعي» هو أن نتوقع الإعلانات في أي لحظة حتى ضمن انخراطنا في الاعمال أو التصفح او القراءة أو العمل، فلا توجد منصة تخلو من اعلان «مفاجئ» ومتوقع.
لقد تغلغلت بالفعل الاعلانات في النسيج الثقافي، حتى أصبح تقدير الفرد ومكانته مبنيين على «ماركة» السلعة التي يشتريها وضمان ولائه لها.
وفي الحقيقة، اصبح المستهلك مبرمجا ـ دون تفكير ـ يستجيب بلهفة إلى هذه الاعلانات من خلال التطبيقات الحديثة من قبل الماركات التجارية «الافتراضية» حتى أصبح يعيش داخل حدث تسويقي دائم.
كانت هناك في الماضي حملات تحذر من الوصول إلى هذه المرحلة من التسويق الذي كان يعتبر «خطرا» إبان الستينيات والسبعينيات، لكن نحن اليوم امام واقع ملموس، وبعد مائة عام من الثقافة الاستهلاكية الجماعية ـ وبكل اسف ـ اصبحنا نحدد قيمتنا ومكانتنا من خلال تلك البضائع التي نشتريها/ او نستهلكها، حتى اصبح الانصياع خلف هذه الاعلانات نزعة استهلاكية لا ارادية. بل أصبح ذلك جزءا من هوية المستهلك! ويرتبط استهلاك السلع الآن ارتباطا وثيقا بالهوية، في حين ظهر شكل جديد من التحليل الاجتماعي، حيث يتم تعريف طبقة الفرد ليس حسب طبقته الاجتماعية أو المهنة أو حتى الدخل، ولكن حسب المنتجات التي يشتريها وهذه هي «الهبة» الاجتماعية الجديدة! والظاهرة الجديدة ببركات «الاعلانات».
بالقلم الأحمر: أصبحت الإعلانات تتحكم بنا وخرجت عن السيطرة!