ظهر مفهوم «العمل عن بُعد» أثناء جائحة «كورونا» التي بسببها أجبر العديد من الموظفين على ملازمة منازلهم، حيث كان لهذه الجائحة أثر كبير في نقل طبيعة العمل من النظام التقليدي إلى نظام جديد يمزج ما بين العمل من المكاتب أو مقار المؤسسات والعمل عن بُعد، أو من المنزل دون الحاجة إلى التواجد الفعلي في مقر العمل وما يتطلبه ذلك من جهد ووقت، وبعد الجائحة استحدث هذا النظام الجديد تحت مسمى العمل الهجين Hybird work، الذي يتيح للموظف العمل «اختياريا» إما من المكتب أو المنزل باتفاق مسبق مع الإدارة أو المؤسسة، بحيث يوفر الاستقلالية في اختيار نمط وطبيعة العمل الملائم.
من إيجابيات العمل بهذا النظام «الهجين» في الدول، المتقدمة، هو انه جعل بيئة العمل أكثر حيوية وفاعلية من أي وقت سابق، وأنهى نظام العمل التقليدي - نظام العمل بين أربع جدران، وكذلك حقق نسبة توازن أفضل بين بيئة العمل والحياة الاجتماعية للموظف.
ومن إيجابيات هذا النظام كذلك، انه أتاح مرونة اكثر في العمل ورفع معدل الإنتاجية إلى الضعف، ووفر الميزانية بشكل كبير، حيث وفر من ميزانية شراء أو توفير المكاتب ومستلزمات المكتب والطباعة والأجهزة وغيرها من المستحقات الأساسية لكل عامل، علاوة على توفير استهلاك الكهرباء وتقليص نسبة ازدحام الطرق والاختناقات المرورية، وكذلك توفير جزء كبير من الميزانية التي تخصص للمهمات الخارجية وغيرها، وحقق نموا في معدلات الرضا الوظيفي وزيادة معدلات الإنتاجية، وهذا الأهم.
ولا يمكن كذلك إنكار سلبيات هذا النظام من ناحية التواصل المباشر أو صعوبة توزيع الموظفين للعمل بشكل منصف في هذا النظام، كما يساعد على العزلة وقلة التواصل المجتمعي، وهي أمور بسيطة مقارنة بالإيجابيات.
مواكبة التطور العملي والمهني ومتغيرات الحياة ومتطلبات الزمن هو واقع لا يمكننا إنكاره ويتوجب علينا الأخذ به والاستفادة من خبرات الدول التي طبقت هذه الأنظمة الجديدة في العمل، وخاصة في ظل وجود أنظمة وتقنيات جديدة يمكنها ضبط الموظف أينما كان. يجب علينا أن نزرع ثقافة المرونة والتغيير في أنظمتنا المعمول بها حتى لا نتصادم مع أي جائحة أخرى قادمة أو حدث قادم، فنحن يجب كذلك أن نكون مرنين في تبني الأفكار الجديدة والمقترحات وتبني التجارب الناجحة في الدول المتقدمة.
بالقلم الأحمر: علينا أن نعي أن عدد الخريجين والباحثين عن عمل يرتفع يوما بعد آخر وسنة تلو أخرى، وسنصل إلى مرحلة نعجز فيها عن توظيف كل خريج بالطرق التقليدية القديمة.
وحان الوقت للبدء بالعمل بطرق حديثة وعصرية وأكثر مرونة.
AljaziAlsenafi@