هناك الكثير من التناقض بين قوانينا المشرعة ومواد الدستور، وهذا التناقض شمل القوانين الخاصة بالمرأة والأسرة وما يتبعهما من قوانين، فهناك تناقض جلي بين نصوص بعض مواد الدستور مع القوانين والقرارات الوزارية الخاصة بتجنيس أبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتي، وهنا أتساءل: هل من الممكن أن من شرعها وأقرها ووافق عليها جاهل بالدستور أم لم يفهم الدستور؟
لا أعتقد ذلك، لكني أميل إلى أن سبب كل ذلك هو تدخل الهوى والأمزجة بهذه القوانين والقرارات، فسمة الأمزجة والأهواء طالت كل قضايانا والتي بسببها يتم إقرار قوانين وقرارات تناسب البعض على حساب حقوق الآخرين، وداء كل ذلك هو اللاصدق مع الذات.
فما شكل ووصف ذلك الإنسان الذي يدعي ويطالب بحقوق الغير ليكسب منهم أصواتا انتخابية وعند التصويت على قوانين أصحاب الحقوق لا يحرك ساكنا أو يقدم أنصاف حلول وحقوق منتقصة تزيد من إباحة الحقوق؟ اللاصدق يبدأ من الفرد ومن أصغر قراراته لتشكل كيانه (أي وجوده الذاتي) وعندما تكبر مسؤولياته ومهامه يكبر معه لا صدقه ويبدأ يظهر لنا على شكل قوانين تتضرر بها مصالحنا كشعب ومواطنين.
اللاصدق يتأثر بالمعتقدات والأعراف سواء الدينية أو المجتمعية، فكيف أقرت قوانين تسقط الأسرة ككيان وجودي بسبب انتفاء الرجل؟
وكيف لها قررت أن أبناء المرأة الكويتية ليسوا بنشء ولا يحق لهم المواطنة بينما الدستور كفل حقوق اللقيط؟ تداخل الأعراف والتقاليد مع القوانين يحرك الهوى والأمزجة فأصبحنا اليوم تائهين بين الدولة المؤسساتية المدنية التي يحكمها الدستور والقانون وبين الدولية العرفية التي تحكمها الأعراف والتقاليد، وهذا التوهان نتيجته ضياع حقوق وانتشار فساد.
إن أردنا إصلاحا، فعلينا بالمطالبة بالأساس المكون للإنسان وهو القيم الأخلاقية لأنها إن صلحت صلح معها كامل أمور حياتنا، فأكبر خديعة يعيشها الإنسان هي خديعة أن هذه القيم «مثالية غير واقعية» وكأنه يقر بأن الواقع فساد يضطر أن يتعايش معه، ونتيجة هذا التعايش الحتمي هو استشراء الفساد ونخره لمفاصل الدولة وهدم لحياة الشعب.
وهذه المطالبة لا تكون ولا تبدأ إلا بنا من خلال مراجعتنا لذواتنا ونتعرف على درجة تنازلاتنا عن قيمنا بحجة المثالية «وما نقدر» و«سياسة» و«السياسة قذرة» وغيرها من المفاهيم التي أوصلتنا إلى القاع.
علينا أن ندرك أن الصدق لا يقبل التبرير لأن أي تبرير هو اجتراء منه، ولا تكون المطالبة إلا من خلال المعرفة والاطلاع فعلينا قراءة قوانيننا والاطلاع على حقوقنا، فدفة المجلس لا تستقيم إلا بالرقابة الشعبية الصادقة.
[email protected]