منذ سبعينيات القرن الماضي، ظهرت أغنية شهيرة من فرقة الجهراء للفنون الشعبية تعبر عن أمنية الطلاب في الحصول على عطلة ربيع أطول، فقد تمنت الأغنية أن تمتد الإجازة 30 يوما مع لياليها. اليوم، تبدو تلك الرغبة وكأنها تحققت بشكل غير مباشر، حيث يشهد نظام التعليم في الكويت انخفاضا حادا في عدد أيام الدراسة، يقابله ارتفاع ملحوظ في عدد العطل والإجازات.
وفقـا للتقويم الرسمي، يفترض أن يصل عدد الأيام الدراسية إلى 170 يوما سنويا، لكن العطل الرسمية وأيام الغياب المتكررة، بالإضافة إلى الإجازات المختلفة، تقلص هذا العدد الفعلي أحيانا إلى نحو 119 يوما فقط. ومن ثم، ينشغل المعلمون والطلاب بمحاولة إنهاء المناهج تحت ضغط الوقت، مما يؤثر سلبا في جودة العملية التعليمية ومخرجاتها المتواضعة أصلا. هذا الضغط يدفع المعلمين إلى الإسراع في شرح الدروس، ويحرم الطلاب من فرصة التفاعل والمناقشة اللازمة لتعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداعي.
من الواضح أن هذه المشكلة لا تقتصر على جهة معينة، فوزارة التربية تتحمل مسؤولية تطوير مناهج تتوافق مع المستجدات العالمية، ووضع جدول زمني متوازن للعام الدراسي. كما أن أولياء الأمور، في أحيان كثيرة، يطالبون بتعطيل الدراسة لأي سبب، ويعتمد البعض منهم على المدرسة وحدها في تعليم أبنائهم، مع أن العملية التعليمية ينبغي أن تبدأ في المنزل منذ سنوات الطفولة المبكرة.
في المقابل، يستحق النظام التعليمي في اليابان إشارة خاصة بوصفه نموذجا رائدا في الالتزام والجودة. إذ يصل عدد أيام الدراسة هناك إلى نحو 230 يوما في السنة، وهو ما يمنح الطلاب وقتا كافيا للتعمق في المناهج وتطوير مهاراتهم الشاملة. ويعد التعليم في الثقافة اليابانية قيمة أساسية تقوم على الانضباط والالتزام. بالإضافة إلى ذلك، لا يقتصر الاهتمام على الجوانب الأكاديمية، بل يمتد ليشمل الأنشطة اللاصفية والمهارات الحياتية، مما يساهم في بناء شخصيات مستقلة وقادرة على الابتكار.
لمــواجهة هــذه التحــديات، من الضــروري أن تتــبنى وزارة التربية والتعليم استراتيجية شــاملة تعالج مختلـــف الجوانب: بدءا من إعادة النظر في التقويم الدراسي لزيادة الأيام الفعلية للدراسة، ومرورا بتطوير المناهج لتواكب التطورات الحديثة وتعزز التفكير النقدي والإبداعي، وصولا إلى الاهتمام بالأنشطة اللاصفية وتوفير بيئة تعليمية متكاملة. كذلك، لابد من الاستثمار في برامج تدريب المعلمين وتحفيزهم، لضمان تقديم تعليم متميز يواكب تطلعات المجتمع ومستقبل أجياله، ويجب على وزارة الإعلام ونخبة المجتمع الواعية أن تقوم بدورها في توعية المجتمع بأهمية العملية التعليمية لبناء مجتمع متماسك يطمح لتطوير نفسه ووطنه.
Tab6_khayran@