16 عاماً مضت ولكنها كانت كالأمس، ما زلت أذكر تفاصيلها جيدا وما زلت أتذكر مشاعر الانتصار التي شعرت بها وشعرت بها كافة النساء في الكويت، فيوم مثل هذا لا يمكن أن ننساه وهو 16 مايو 2005 منح المرأة الكويتية الحقوق السياسية كاملة، بعد نضال العديد من الرائدات لكي تنال المرأة الكويتية هذا الحق بجهد دؤوب دون كلل أو ملل حتى حصلن عليه.
ماذا حدث بعدها؟ سأكتب حول هذا الموضوع ولكن بصراحة شديدة لعلنا نعرف أين الخلل ونعالجه، لماذا لم تصل أي امرأة إلى مجلس أمة 2020؟ ربما هو السؤال الذي نحتاج لأن نعرف إجابته دون مجاملة ودون مواربة للنفس، للإجابة عن هذا علينا أن نشاهد الصورة الأكبر وما تم طرحه في البرامج الانتخابية للسيدات المرشحات، رغم تجاوز عددهن الـ33 مرشحة إلا أن المرشحات المؤهلات لخوض السباق الانتخابي لا يتجاوزن عدد أصابع اليد الواحدة وهي نسبة طبيعية، والتأهيل المقصود فيه المؤهل العلمي والدراية السياسية والإلمام المعرفي بقضايا الوطن والمواطنين.
أعرف أغلبهن شخصيا وليتحملن مقالي هذا، فهو من باب الانتقاد البناء ولست أقصد أبدا الانتقاص منهن بل عليهن مراجعة النفس والعمل على نقاط الضعف، فنجاحهن هو نجاح لنا كسيدات كويتيات.
أستطيع أن أقول إن الأغلبية منهن لم تحضّر نفسها جيدا للانتخابات البرلمانية وكانت الأوفر حظا هي من كررت تجربتها في الترشح وكانت في كل مرة، تعالج أخطاءها وتظهر قوتها، وأفضل ما عندها في عمل اجتهادي منها شخصيا وهو ما يجبرنا على تقدير مجهودها ونضالها، أما البقية فهل تعلمن أن المرشحين الرجال جهزوا أنفسهم منذ أربع سنوات بعمل دؤوب وتواصل مكثف مع أبناء الدائرة ولهم اجتماعات شهرية مع مفاتيحهم الانتخابية والمناديب، كل هذه السنوات للتحضير لهذا اليوم!
إحداهن أعلنت ترشيح نفسها قبل شهرين فقط من الانتخابات، بعضهن فوجئت رغم تواصلي معهن بالإعلان الرسمي لخوضهن الانتخابات! لماذا؟ ربما كانت الحكومة متهمة في هذا الجانب وتحمل الوزر الأكبر في هذا الموضوع، فكل الآمال معقودة في تكرار تجارب وزيرات سابقات كن مرشحات للانتخابات، فكانت الحكومة تختار وجوهها النسائية من المرشحات ليس إيمانا بالمرأة ولا إمكاناتها القيادية ولكن فقط من باب أن هناك عنصرا نسائيا في الحكومة.
المرأة الكويتية مغيبة عن السياسة طوال 40 عاما، وللأسف أن أغلب الخطابات الانتخابية من قبل المرشحات كانت عالية جدا ولا تتساوى مع الوعي السياسي للمرأة الناخبة.. هل تعلمن عزيزاتي المرشحات أساليب الانتخابات وأساليب التأثير على المرشحين؟ للأسف لا، سأورد هنا أحد الأساليب التي تم اتباعها في الانتخابات الأخيرة، حيث استطاعت القبائل حصد العدد الأكبر في مجلس 2020 بعد استطاعتها فك شيفرة النجاح في نظام الصوت الواحد، وتقلص تمثيلها في المجالس السابقة لتعود بعدد كبير، وكانت التشاوريات هي الطريق إلى الفوز في المجلس بنسبة كبيرة جدا، بينما تمرد البعض على نتيجة التشاوريات وأصر على خوض الانتخابات بعيدا عن التشاورية وحقق النجاح، فعلى سبيل الذكر قبيلة المطران في «الرابعة» تمكنوا من العودة إلى مجلس 2020 بأربعة مقاعد بعد أن كانت في المجلس الماضي بمقعد واحد عبر تنظيم تشاوريات بـ«تكتيك» جديد لأول مرة يتم استخدامه في القبائل هو تشاوريات الأفخاذ، بحيث يتم حصر أبناء الفخذ الواحد وإلزامهم بالتصويت لمرشح محدد في عملية حسابية لضمان نجاح المرشح، وقد بدأ الاستعداد المبكر جدا منذ أكثر من عامين، أما العوازم في الخامسة فقد استخدمت «تكتيك» جداول الأسماء وهو تقسيم أصوات الناخبين إلى متوسط عدد النجاح وتوزيعها بالأحرف الأبجدية على المرشحين الأربعة ونجح منهم اثنان فقط، ما جعل القبيلة تفكر في إعادة النظر في هذه الطريقة وخاصة في عدم التزام أكثر من 10 آلاف بهذه الطريقة.
الانتخابات مع الصوت الواحد تحتاج إلى «تكتيكات» سياسية، وعلى النساء من الآن التحضير للانتخابات القادمة إذا ما تمت في موعدها في عام 2024، عليهن توحيد الصفوف بينهن، وعلى الجمعيات النسائية العمل الجاد والاتحاد بينهن لهذا اليوم، في تجهيز صف مؤهل من المرشحات المؤهلات، عليهن أن يعرفن أن الصوت الواحد أصبح غاليا جدا وثمينا جدا ولن يتم منحه إلا للأفضل سواء أكان رجلا أو امرأة، ولا يعتمدن فقط على كونهن عنصرا نسائيا، الناخب/ الناخبة أصبح الآن يبحث عن من يمثله وعليهن أن يستمعن للشعب عن قرب ويرصدن مشاكله وماذا يحتاج.
لن أقسو كثيرا على المرأة، وأنا أعلم ما تواجهه من تحديات كثيرة، ولكن السياسة الآن تحتاج إلى وعي كبير والى جيش من النساء يدعم صفا واحدا من النساء المرشحات، عدا ذلك لن نجد المرأة في المجلس إلا إذا تم إقرار نظام «الكوتا».
وحتى لا تضيع جهود الرائدات في النشاط السياسي «وحدوا الصفوف يا معشر النساء».