ماكينة العمل الخيري الكويتي لا تعرف مهادنة، ولا تهدأ فورتها، بل هي في مراحلها شريان للحياة يعطي ويمنح، يغرس المعروف في أرض الله في كل حين، ذلك لأن من ورائه إيمان أكيد، بقدر الكويت تجاه الإنسانية، حملته مؤسساتها بمنتهى الأمانة والتجرد، وسعت لبسطه، ليشبع، ويسقي، ويداوي، ويبني، ويعمر.
نتفق على أن للصيف خصوصيته المعروفة، التي يكون فيها القطاع الأغلب من سكان الأرض في أشد احتياجه للمعونة، فمع ارتفاع درجات الحرارة، واضطرابات المناخ، يحاصر الجفاف ملايين الفقراء والمهمشين، وتنحسر فرص نجاتهم مع انعدام البدائل، في هذه البيئات المعدمة، تنشط هيئاتنا الخيرية لتؤدي حصتها المقررة من الخير، فتتوسع مجتمعة في اطلاق مبادرات حفر الآبار بأنواعها، التي تفيض بالمياه العذبة النظيفة، تروي ملايين الأفواه، وتؤسس لمشاريع تنموية طموحة، تعود بالنفع على البسطاء، وللداخل نصيبه الأكبر من هذا التحرك الميمون، فتتوجه الإرادة لاستهداف مئات الأسر المتعففة من محدودي الدخل مواطنين ومقيمين على السواء، فتتوالى المساعدات السخية عبر الحملات الخيرية، وفي طليعتها الحملات المميزة «ابشروا بالخير»، والتي جرت المداومة عليها باعتبارها واحدة من أنجح صور التكافل الاجتماعي، التي تفي باحتياجات هؤلاء وتخفف من معاناتهم، تحديدا في فصل الصيف داخل الكويت، حين تستحكم على البسطاء دوائر الضيق والحاجة، فتتنوع المساعدات لتشمل توزيع وحدات التكييف والمبردات والثلاجات وغيرها من أساسيات الحياة، التي هم في مسيس الحاجة إليها، علاوة على نشر برادات المياه بالشوارع والساحات والميادين العامة، التي توفر مياه الشرب النظيفة والباردة للمارة، في الحقيقة لا تتوقف آلام الفقراء في ظل الأجواء الصيفية الملتهبة، فمع انتشار الفقر وتردي الأحوال المعيشية، وبالتالي تسوء الرعاية الصحية في كثير من الدول، فتتفشى على إثرها الأمراض والأوبئة المعدية التي لا يسلم منها الفقراء والمساكين، وقد تابع الجميع مؤخرا وباهتمام الجهد المميز الذي أدته مؤسساتنا الخيرية باليمن الشقيق، للحد من انتشار وباء الكوليرا الفتاك، بتوفير اللقاحات والأمصال لمعالجة المصابين في العديد من القرى النائية، ومن المبهر حقا ما حظيت به هذه الحملة من احتضان وحفاوة المحسنين من أهل الخير.
وعلى صعيد الرعاية المجتمعية محليا، تنتهز المؤسسات الخيرية الكويتية موسم الاجازات الصيفية، فرصة للعناية بالقرآن الكريم والاهتمام بدارسيه، في دأب معهود لعقد حلقات التحفيظ، وتنشيط مراكزها القرآنية التي تستقطب المئات، تثبيتا للهوية الإسلامية لدى النشء والشباب، واستثمارا لأوقات فراغ الأسرة المسلمة فيما هو نافع ومفيد.
كان العمل الخيري الكويتي طوال مسيرته العامرة، صمام الأمان، وضمير الإنسانية النابض بالأمل، ويدا رحيمة تنتشل البؤساء، وتزيل عنهم مصاعب الحياة.