محبة الكويت أسمى المراتب، وأرفع المنازل، وكيف لا؟!، فهي في قلب كل شريف قدر وغاية، وعند كل حر مقام لا يضاهى، شعبنا الأبي، يقبل فبراير فتقبل معه أمجاد الكويت، يعلو صداها، ويتجدد أنسها، وتعم بهجتها، تسطع لمقدمه سطور جليلة، من مآثر شعبنا الوفي، المتعاهد على محبة وطنه، ولعل أجمل ما في فبراير، ذلك العبق الأثير، المشعشع بنسمات الملحمة الكبرى، التي انتصرت فيها إرادة الأبطال، رغم أنف المحتل، كيف واجهت الصدور العارية - إلا من الإيمان - في استبسال، آلة القتل والتنكيل، لتفتح دماؤها الزكية ممرات آمنة للمجد والخلود، إن روح فبراير باقية فينا، ما بقي في هذه الأرض أوفياء، تعود فتعود معها القدوة لأجيالنا، ليحتضن الماضي في جوفه الحاضر، فينتج المستقبل، يعود فبراير فتطوف في سماء الكويت وروابيها، مواكب النور لشهدائنا الأبرار، ممن بذلوا حياتهم قربانا للوطن.
ولعلي أصدقكم القول، فإن ما أخشاه، ونحن نستقبل ذكرى الصمود أن تفتر هذه الهمة بمرور الوقت في قلوب أجيالنا الشابة، فلا يبقى من مجد فبراير إلا الذكرى والاحتفال، بل لا بد أن تفور بها صدورهم فوران الأمل، أن تصبح مآثره موصولة الحلقات، يتحقق بها صوادق الرجاء، يطالعنا فبراير وقد أسلمت الكويت قيادة سفينتها لابنها البار، صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد - حفظه الله ورعاه - التي تستقبل مع سموه عامها الثاني، يجمع أشتاتها، ويوحد كلمتها، ويوجه قوتها في همة ويقظة لغاية مأمولة، ولعل ما تطيب له النفس أن الشعب معلق بقيادته، يتأصل حبها في قلبه، بعد إدراكه ما تبذله، من صادق العزم ووافر الجهد، في استشعار للأمانة الثقيلة التي أقسمت على الوفاء لها، إكبارا للشعب، وبرا بالتكليف الوطني.
ولا أخفيكم سرا، فإننا أحوج ما نكون من أي وقت مضى، لما يؤلف بين القلوب، ويشد العزائم، إلى ما يصون نسيج مجتمعنا، ما يجنبه التصدع والفرقة، وهذا لن يتأتى بغير رجال صادقين، تنعقد نواياهم على الخير، وتمتد سواعدهم للعمل، لا يستسلمون للأماني المجردة التي تقود الى التراخي والاستكانة، فمن دون الوحدة لن يتفق رأي، ولن تجتمع كلمة، نحن أيها الإخوة بحاجة الى بعث الروح الوطنية الكامنة في أعماقنا، تلك التي تظهر وقت الشدة، التي تقول للتاريخ بثقة:«ها نحن ذا فسجل».
يعود فبراير، والكويت تثب وثبات طموحة، تسجل حضورها المشرف، وتواجدها الفاعل، بمختلف المحافل في بروز إقليمي وعالمي، تتصدر عن جدارة المشهد بحضور إنساني، تعطي من رصيد الخير لديها، تكفكف الدمع، وتهون المصاب، وترعى المستضعفين، تقرر لهم كفايتهم من العيش الكريم، في الوقت الذي انفضت فيه يد البعض عن معونتهم، خاصة في غزة الذبيحة، التي أحلتها من اهتمامها المحل الأوفى، فأهلا بك فبراير.