ذهبت مؤخرا في رحلة بحرية خاصة مع الأهل إلى جزيرة فيلكا، وعندما وصلنا وكأننا تركنا الحضارة وراءنا، وعدنا إلى الماضي البعيد، إلى جزيرة معزولة طواها النسيان، فاستقبلنا رصيف بحري متهالك، تآكل بفعل الرطوبة والملوحة، ولا يصلح لاستخدام المسنين أو ذوي الإعاقة، ثم وجدنا بانتظارنا باصا قديما، ينفث دخانه في الهواء، وكأنه قطار بخاري من بدايات القرن الـ19، ولا أدرى لماذا لم يتم استبداله بمركبات كهربائية صديقة للبيئة تحافظ على نظافة الجو وتحميه من التلوث ومنع استخدام السيارات الخاصة التي يتم تأجيرها، أو جلبها مع الزوار من المدينة، كما تفعل كثير من الدول في متنزهاتها وجزرها؟
نزلنا من الباص لندخل إلى القرية التراثية، التي تئن من قلة الاهتمام، ونقص التنظيم، أو الصيانة للمباني، والجدران والأرضيات، وغياب التنسيق للمزروعات، المتناثرة هنا وهناك بشكل عشوائي، يفتقر للذوق واللامبالاة.
ثم ذهبنا إلى متحف قصر الشيخ عبدالله السالم غفر الله له، وتجولنا في غرف المتحف الصغيرة، ومنها حجرته التي تعاني من الإهمال وقلة النظافة، فالتهوية سيئة، والغبار يملأ المكان، والتقصير الواضح في وضع وسائل شرح حديثة، ولائقة بتاريخ المكان، وتتناسب مع هذه الشخصية العظيمة التي تستحق كل تقدير واحترام، فضلا عن إهمال باقي الغرف، والتي تضم بعض المعروضات، والمقتنيات، وتشير إلى تاريخ شيوخنا غفر الله لهم، فنجد صور يعلوها الغبار، وبعضها ذات زجاج مشروخ، أو إطارات متآكلة بفعل الزمن، وملصقات توضيحية مصفرة، وكتابات باهتة لا تقرأ، وخرجنا والحزن يملأنا، ونحن نقارن هذا المكان البائس، بالمتاحف والمواقع التاريخية في الخارج، والتي يتم العناية بها، وصيانتها وترميمها باستمرار، من أجل المحافظة عليها كثروة تاريخية لا تقدر بثمن للأجيال القادمة.
لننطلق بعدها إلى حديقة الحيوانات الخالية من الحيوانات، إلا من بعض المواشي، والتي تعاني من انبعاث الروائح الكريهة، وانتشار الذباب نتيجة عدم العناية بنظافة المكان، ثم تجولنا قليلا على الشوارع المحفرة، والطرق المتآكلة التي اختفت معالمها، فرأينا منظرا مؤلما لعدد كبير من البيوت المهملة، والتي مزقتها رصاصات الغدر، أثناء الغزو العراقي الغاشم على الكويت، ومازالت قائمة حتى الآن، وشاهدة على تلك الفترة الحزينة من تاريخنا، بالإضافة لعدد كبير من الأطلال والخرابات، والبيوت القديمة جدا الآيلة للسقوط، والتي لم يتم إزالتها حتى الآن، وقد تشكل خطرا على الناس، أو يستغلها البعض كأوكار للجريمة والعبث.
ختاما: إن فيلكا تصرخ من الإهمال في كل مكان فمن يسمع صرختها وينقذها؟
٭ زاوية أخيرة: تحتاج جزيرة فيلكا إلى بذل الجهود الكبيرة، والاستثمارات العديدة، من قبل القطاعين العام والخاص، لتحويلها إلى منتجع راق على أعلى مستوى من جودة الخدمات، ومنتزه ترفيهي متنوع الأنشطة والفعاليات، حتى تكون مكانا لائقا ومميزا، ويشكل عنصر جذب سياحي للزوار من داخل وخارج الكويت.
[email protected]
twitter:@dmadooh