تلقيت قبل فترة دعوة كريمة من إحدى الجارات العزيزات، والتي دعتني لتناول الإفطار، والتعرف على مجموعة من جاراتنا، فلبيت الدعوة شاكرة وبكل سرور، على هذه الفرصة الرائعة للتعرف على الجيران، وعندما ذهبت وجدت وجوها طيبة، من ربات البيوت المحيطة بنا، وكانت جلسة جميلة، لم نشعر خلالها بمرور الوقت، تبادلنا فيها الأحاديث الممتعة والمتنوعة، وتذكرنا أثناءها الحكايات اللطيفة، حول الماضي الجميل، وقصص الجيران في «زمن الطيبين».
حيث كانت العلاقات بين الجيران فيما مضى، يسودها الود والتراحم، وقد عاشوا متكاتفين في الشدة والرخاء، وارتبطوا معا بأواصر الألفة والمحبة، وسادت بينهم العلاقات الأخوية، القائمة على التعاون والإيثار، والإيمان بأهمية الجار، وضرورة الإحسان إليه، ودعمه ومساعدته في وقت الحاجة، وكانت حياتهم بسيطة، وخالية من التعقيدات، والتكلف والمجاملات، التي فرضتها علينا حياتنا العصرية، وقد شكل الجيران فيما مضى، عائلة واحدة مترابطة، فكان الجار حاضرا في كل المناسبات، والأحداث اليومية التي يمر بها جيرانه، يشارك في الأفراح، ويواسي عند الأحزان.
ولكن مع مرور الوقت وتطور الحياة، وزيادة تعقيداتها، وانشغال الناس بظروفهم الخاصة، وأعمالهم اليومية، تغيرت تلك العلاقات الجميلة والمميزة، التي كانت تربط بين الجيران قديما، فلم يعد لديهم الوقت الكافي، والفرصة السانحة للتواصل، وتعزيز العلاقات فيما بينهم، كما كان يحدث من قبل.
وأثناء الحوار الشيق مع الجارات، اتفق الجميع على أن فترات «حظر الخروج» خلال أزمة كورونا الماضية، كانت فرصة طيبة للتعرف على الجيران، في أوقات السماح برياضة المشي حول شوارع الحي، حيث تعرف الكثير منهم على جيرانهم، والتقوا معهم بصورة مستمرة أثناء الجولات اليومية، واستمر البعض بالتواصل، حتى بعد انتهاء فترات الحظر، وعودة الحياة إلى طبيعتها.
كما حضرت مؤخرا فعالية «ملتقى سيدات كيفان» وهي مبادرة مجتمعية جميلة، أطلقتها قبل عدة سنوات الكاتبة المبدعة، والناشطة المجتمعية، الاستاذة «أنوار التنيب»، بهدف جمع سيدات كيفان من الجارات، وقدامى الطالبات في مدارس المنطقة، من أجل الالتقاء، وتجديد العلاقات القديمة، وتذكر أيام الطفولة والدراسة، وأذكر أن الملتقى الأول قبل عدة سنوات، غص بالحضور والجمع الرائع، ورأيت خلاله مشاعر جميلة، ودموع الفرح والسعادة، عند اللقاء بصديقات الطفولة، وزميلات الدراسة بعد فراق سنوات، وجاءت نسخة هذا العام احتفالية موسعة، ضمت سيدات منطقة «كيفان» وجاراتها مناطق «الخالدية والشامية والفيحاء»، وكانت فعالية مميزة، ومنظمة بصورة راقية، ضمت فقرات متنوعة، ومشاركات لشخصيات معروفة، حازت إعجاب الحضور.
٭ زاوية أخيرة: دعوة للجمعيات التعاونية في المناطق السكنية، لتنظيم ودعم ملتقيات دورية للجيران، انطلاقا من مسؤوليتها المجتمعية، ودورها في تقديم الخدمات النافعة لسكان مناطقها.
twitter:@dmadooh
[email protected]