في عدة لقاءات ومناسبات مختلفة حدثتني أكثر من أخت حول قصتها، أو قصة صديقة، أو قريبة لها مع الطلاق، حيث ذكرت إحدى الأخوات أنها طلقت بعد عدة شهور بسبب إدمان زوجها، وقد تمنت لو كان هناك فحص للمخدرات ضمن فحوص الزواج، لوفر عليها الكثير من الألم والتعاسة، كما تحدثت أخرى طلقت خلال فترة قصيرة جدا عن صدمتها في زوجها المصاب بعقد نفسية واضطرابات سلوكية، مما أثر على حالتها الصحية والنفسية، وطالبت بضرورة وضع اختبارات نفسية للمقبلين على الزواج.. وغيرها الكثير من القصص التي لا يتسع المجال لذكرها.
وهكذا تتضح لنا أهمية الفحوصات النفسية، وتحليل المخدرات، والكشف عن الأمراض الوراثية، والمعدية، والمنقولة جنسيا قبل الزواج، وهي خطوة أساسية لبناء علاقة زوجية سليمة، وتأسيس أسرة مستقرة، حيث تساعد الفحوصات والاختبارات النفسية في الكشف عن الأمراض العقلية والنفسية، والاضطرابات السلوكية والانفعالية، للمقبلين على الزواج، بالإضافة إلى المساهمة في تقييم مدى قدرة الطرفين على تحمل المسؤولية، وأداء الحقوق والواجبات، وكيفية التعامل مع ضغوط الحياة الأسرية، وطريقة التواصل وإدارة الحوار، وأسلوب معالجة الخلافات، والمشاكل الزوجية.
كما أن تحليل المخدرات أداة مهمة للكشف عن الإدمان أو التعاطي المحتمل، مما يحد من حالات زواج المدمنين، ويقلل من أخطار ارتكاب الجرائم، والعنف الأسري، وظهور المشاكل الصحية، والنفسية، والقانونية نتيجة الإدمان على المخدرات، والذي زادت نسبته في البلاد بشكل مخيف، حيث ذكرت إحصائية لوزارة الصحة ان عدد حالات متلقي العلاج من الإدمان في عام 2022 بلغ 2.138 حالة، والحالات الجديدة 516 حالة وعدد مراجعي العيادات الخارجية 11.117 حالة.
كذلك تعد الفحوصات الوراثية، واختبارات الأمراض السارية والمنقولة جنسيا، وسائل ضرورية لحماية الأزواج من انتقال العدوى، أو الأمراض المتوارثة، مما يسهم في توفير بيئة صحية وآمنة للأطفال في المستقبل.
تتمثل الآثار الإيجابية لتلك الفحوصات في بناء علاقات زوجية سليمة، وأسر مستقرة، وتقليل معدلات الطلاق، حيث أشارت إحصائية لوزارة العدل إلى أن عدد حالات الطلاق في الكويت عام 2023 بلغ 7.865 حالة، كما ورد في عدد «الأنباء» بتاريخ 6 يونيو 2024. كما ذكرت «الجمعية الكويتية للوقاية من التفكك الأسري» في إحصائية على صفحتها في موقــــع (X): «ان عدد حالات الطـــلاق في النصف الأول من عام 2024 خلال الفترة من 1/1-30/6/2024 بلغ (4.038 حالة».
وربما تواجه هذه الفحوصات تحديا يتمثل في الرفض المجتمعي، إلا ان وضعها كشرط قانوني لإتمام الزواج، مع التنظيم المستمر للدورات التدريبية، وورش العمل، والندوات التثقيفية حول أهمية الفحوصات قبل الزواج، فضلا عن توفير خدمات الدعم النفسي، سيسهم في زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع، ويعمل على حماية المقبلين على الزواج من أخطار الأمراض الصحية، والنفسية، والسلوكية، وخطر المخدرات، كما سيشجع الشباب الراغبين في الزواج على الاهتمام بالجانب الصحي والنفسي، ومعالجة أي أمراض، أو مشاكل نفسية أو سلوكية قبل الارتباط وتأسيس أسرة.
٭ زاوية أخيرة: أصدر وزير الصحة مؤخرا قرارا بتعديل اللائحة التنفيذية المحدثة للقانون رقم (31) لسنة (2008) بشأن الفحص الطبي قبل الزواج، والتي نتمنى أن تضم بنودها الفحوصات المذكورة سابقا، لتسهم في تحقيق حياة زوجية وأسرية، صحية ومستقرة.
Instagram: @d_madooh