تلعب الصحافة دورا حيويا في تحقيق النهضة في المجتمعات المختلفة، لأنها تمثل وسيلة فعالة لنقل المعلومات ونشر الوعي وتنشيط النقاش العام حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعروبية، ومع ظهور العديد من الصحف كان لهذه الوسيلة الإعلامية تأثير كبير في تشكيل «الرأي العام».
إن الدور الوطني المسؤول الذي تقدمه جريدتنا «الأنباء» في تحليل الأوضاع السياسية المحلية ضمن خط يبحث عن المصلحة الوطنية الكويتية هو جزء من الالتزام الصحافي في توعية الجمهور وإرشاده بعيدا عن الإثارة الإعلامية من هنا أو الإساءات الشخصية من هناك، وهو جزء «أساسي» من «مدرسة» صحافية كويتية بدأتها «الأنباء» التي أنشأت حالة مؤسساتية ملتزمة مبدئيا، تقدم نموذجا حركيا للعمل الصحافي يهدف إلى تقدم وازدهار المجتمع ونهضة الدولة.
إن هذه «المدرسة» التي تمثلها جريدتنا «الأنباء» نحن نعيش هذه الأيام الذكرى التاسعة والأربعين لتأسيسها، والذي انطلق معه خط هادف للصحافة البناءة التي تنقل الإيجابي وتنتقد ما هو «سلبي» وتقدم البديل المطلوب للإصلاح ضمن صناعة نقاش مجتمعي يتم فيه تبادل الآراء وتنشيط الحوار.
إن القضية هنا «لا» تنحصر في ذكرى التأسيس التاريخية فقط، بل في استمرار البناء وتطويره، وفي تواصل النجاح والتفوق ضمن نفس ركائز العمل ومبادئ «التأسيس»، خاصة مع ما يحدث في واقعنا المعاصر الحالي الذي يتميز بعنصر تدفق المعلومات الرهيب والضخم الذي يعيشه العالم...كل العالم، والذي يأتي معه التزييف الهائل للأحداث والتزوير للحقائق وكميات من الإثارات الإعلامية والكلام الذي يلعب على العواطف والبكائيات بعيدا عن العقول الهادئة الرزينة التي تعيش التحليل المنطقي للحدث وتكشف ما وراء اللعبة وتفضح التآمر، خاصة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح معه من المطلوب زيادة التمسك والالتزام في «الأصول المهنية الصحافية الأخلاقية» لكي نحمي أوطاننا وعروبتنا من «الغرباء» ومن المتآمرين الذين يتحركون بأجندات أجنبية، لذلك علينا ان ندرك خطر سلاح تدفق المعلومات المغلوطة والافتراءات الباطلة التي لها انعكاسات خطيرة على واقعنا، وأن نحمي أنفسنا منها.
علينا أن نعرف أن الأمن الوطني والقومي لم يعد قاصرا على البعد العسكري التقليدي، لكنه اتسع ليضم عدة أبعاد أخرى، مثل التي تتعامل مع تهديدات مختلفة عن الحرب بمفهومها المتعارف عليه، لكنها «لا» تقل أهمية عن العدوان العسكري المباشر، بل ربما تفوقه أهمية، باعتبارها تهديدات غير مباشرة يمكنها أن تؤدي إلى الخلل في بنية المجتمع والدولة معا: مثل الاستخدام السيئ أو غير المسؤول لوسائل الإعلام، وأيضا الاختراق الإعلامي، والحرب الإلكترونية التي تريد نشر الأخبار الزائفة أو ضرب رجالات الدولة أو تقسيط القيمة الاعتبارية للقيادات السياسية.
إن السلطة الرابعة «الصحافة» من حراس البوابة الإعلامية للــوطن، لــذلك كان تأسيس الصحافة المسؤولة يعد إحدى الركائز الأساسية لبناء مجتمع قوي وواع، ومن هنا انطلقت جريدتنا «الأنباء» في تاريخ 5 يـناير 1976، واستمرت في أداء رسالتها بذكراها المتجددة.