هناك انعكاسات «ضارة» لظواهر سلبية تتحرك في المجتمع قد لا يفهمها الإنسان العادي المشغول بحياته اليومية، لكن على المراقبين الإشارة إليها والتحذير منها ضمن واجبهم في صناعة الوعي والبصيرة، منها ما لاحظته من وضع جوائز لمسابقات أو هدايا لمناسبات بالعملات الأجنبية من باب تضخيم الأرقام والأعداد مقارنة بعملتنا المحلية الكويتية (الدينار)، وهذه إحدى الظواهر السلبية التي وجب علينا الإشارة إليها والتنبيه اليها خاصة مع تكرارها، لأن في تلك المسألة إضعافا غير مباشر لواقع عملتنا المحلية التي من المطلوب منا «وطنيا» أن نستخدمها دائما وقدر الإمكان وأن نعتز بها، وهذه المسألة ليست من جانب عاطفي فقط، بل لأن هناك «واقعا» «عمليا» «حركيا» موجودا.
ولأن متانة العملة المحلية وصلابتها هما انعكاس لقوة «الدولة» وأيضا مؤشر على السيطرة الجغرافية محليا وامتدادها من حيث النفوذ إلى مواقع أخرى خارج النطاق المحلي، وهذا من الأهمية الإستراتيجية بعيدة المدى زمنيا.
إن العملة تعتبر شريان الحياة الذي يمثل السيادة والهوية الاقتصادية للدول ولها دورها في التجارة والتمويل، حيث يتم رسم لوحة بواسطتها ضمن لوحة أكبر تعبر عن مشهد اقتصادي عالمي أوسع بشكل معقد متداخل مع خيوط لعملات الدول المختلفة التي لكل منها قوتها ونفوذها وسيطرتها وسندها من اقتصاد وموارد طبيعية واستقرار سياسي. وهذا المشهد، المرسوم بتفاصيل عميقة متشابكة، هو بمثابة الركائز الأساسية الداعمة للتجارة الدولية والمعاملات المالية والتمويل...إلخ.
في تفاصيل هذه اللوحة المعقدة يكمن مفهوم قوة العملة، والأهمية الدائمة لها كمحركات للنشاط التجاري والمالي والاستثماري انطلاقا من محليتها وامتدادها دوليا، حيث تتمتع الاقتصادات المستقرة ذات معدلات التضخم المنخفضة، والسياسات المالية السليمة عادة بعملات أقوى والدينار الكويتي منها، لذلك نحن في وطننا في «نعمة» و«نعيم» لأن عملتنا المحلية «الدينار» من أقوى العملات الدولية، وهذا انعكاس لقوة الاقتصاد الكويتي و«حكمة» قيادتنا السياسية، خاصة أن الدينار الكويتي على مر الأزمات الاقتصادية العالمية ظل قويا ومتماسكا و«لا يتأثر» كبقية العملات.
من هذا كله، علينا أن نفهم لماذا تفرض بعض الدول قيودا على استخدام العملات الأجنبية داخل البلد، ولماذا يتم دائما تفضيل الاعتماد على العملة المحلية لتعزيز الثقة والاستقرار الاقتصادي، بعيدا عن النقد الأجنبي.
ان الاستقلال الوطني والقومي ليس شعارات ويافطات دعائية بل واقع على الأرض يتحرك، والاقتصاد أحد مواقع القوة لتحقيق ذلك بعيدا عن الأجانب الغرباء، لأن من يملك اقتصاده هو من يتحكم في قراره.