تعتبر اللامركزية (Decentralisation) في النظم الصحية ركيزة أساسية لأي مبادرة إصلاحية، وغالبا ما ينظر إليها على أنها وسيلة لتحسين كفاءة وجودة الخدمات الصحية، بالإضافة إلى تعزيز المساءلة والحوكمة للنظم المحلية.
بينما يعتقد البعض أن اللامركزية في الرعاية الصحية قد تسهم في عدم المساواة في تخصيص الموارد «على سبيل المثال، ستخصص المناطق الأكثر ثراء للصحة أكثر مما يمكن أن تخصصه المناطق الفقيرة»، ليس هذا هو الحال بالضرورة، فكثير من الدراسات وجدت أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء أخذت في الانخفاض خلال فترة اللامركزية، وكانت هناك زيادة في المساواة في الإنفاق الفردي على مستوى المراكز المختلفة. إن أشكال اللامركزية التي تشمل آليات لتحسين العدالة، مثل التخصيص والتمويل القائم على الكثافة السكانية، قد تحسن الإنصاف في تخصيص الموارد، ولتقييم تأثير الأشكال المختلفة للامركزية على الكفاءة والجودة وكذلك الإنصاف في الخدمات، هناك حاجة إلى مزيد من البحث في نظم المعلومات وأنظمة الإشراف وأنظمة التحكم الإدارية الأخرى. يجب أن تطور دراسات اللامركزية أدلة ذات صلة بالسياسات لكل من أنواع ودرجات الاختيار المسموح بها للسلطات المحلية والسياقات ـ كل من القدرات الحالية وعمليات المساءلة ـ التي تعزز أداء ونتائج أكثر فعالية للنظم الصحية.
مثال على اللامركزية والذي أدعمه بشده هو عدم احتكار تقديم بعض التخصصات الطبية في مكان واحد وبشكل مركزي وخاصة مع زيادة الطلب على هذا النوع من الخدمات الطبية، على سبيل المثال تخصص جراحة الأطفال. للأسف بعض الأطباء في التخصصات الدقيقة هم من يعتبرون عثرة في تطبيق اللامركزية، ويسعون في الحفاظ على تقديم الخدمات الطبية في مكان واحد وبشكل مركزي، والذي يعاني في النهاية من هذا الأمر هو المريض والمراجع. يجب أن يتم تصميم النظام الصحي من خلال وضع المريض كأولوية.
أنا لا أدعو لتطبيقه بشكل عشوائي فالموضوع كبير وله جوانب متعددة. على الرغم من سنوات عديدة من مبادرات اللامركزية الصحية في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، فإن معرفتنا بالعلاقة بين أشكال معينة من اللامركزية وأداء النظم الصحية لاتزال تحتاج إلى مزيد من الدراسات البحثية. على سبيل المثال، هل اللامركزية تساعد أو تعيق أو ليس لها تأثير على العدالة في تخصيص الموارد؟ أم أن هناك علاقة بين لامركزية الأنظمة اللوجستية وأداء القطاع الصحي؟ يكمن جزء من صعوبة معالجة مثل هذه الأسئلة في العلاقة السياقية المتأصلة بين اللامركزية وأداء النظم الصحية، فضلا عن صعوبة تفكيك اللامركزية عن إصلاحات القطاع الصحي الأخرى. يشمل نطاق الاختيار كلا من الإجراءات المسموح بها رسميا «مثل القوانين واللوائح التي تحكم طبيعة اللامركزية». قد تختلف مجموعة الخيارات باختلاف الوظائف الصحية، وتشمل الأخيرة التمويل، وتنظيم الخدمة، والموارد البشرية، والحوكمة.